شدد وزير الخارجية المصري سامح شكري على أن علاقات مصر بالمملكة تمتلك من الخصوصية التي تحول دون دخول أطراف أخرى وتأثيرها عليها. وقال شكري في حوار أجرته «عكاظ» إن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مصر لم تتأخر. مشيرا إلى أنه تم الاتفاق بين الطرفين لإتمامها عبر ترتيبات تليق بها. وقال إنه لا توجد أية خلافات حول القوة المشتركة، وما طرحته السعودية من أفكار يسهم في تعزيز مهمتها. واعتبر مناورات رعد الشمال شأنا عربيا أكدت قدرتنا على ردع أي تهديد لأمننا أو المساس بسيادتنا. وحدد شكري ما اعتبرها خمسة عناصر لقيام حوار مع إيران: تغيير سياساتها واحترام التكافؤ وتوازن المصالح بيننا وعدم التدخل وفرض النفوذ. وهنا نص الحوار: • كيف تنظرون إلى زيارة خادم الحرمين الشريفين لمصر؟ •• لا شك أن زيارة خادم الحرمين الشريفين لمصر تعد زيارة تاريخية بكل المعايير؛ لأنها الأولى منذ تولي الملك سلمان الحكم والكل ينتظرها على المستوى الشعبي؛ لكونها تمثل رمزا للعلاقة الخاصة التي تربط البلدين. وستشهد الزيارة استعراضا لكل القضايا التي تهم البلدين وكل ما يتعلق بتحقيق الاستقرار ومواجهة التحديات القائمة، وهناك طموحات كبيرة وقيادات واعية تدرك حاجات المنطقة في هذه اللحظة الحرجة، وهي لحظة غير مسبوقة في تاريخ العالم العربي بما تشهده من تحديات كثيرة والاضطرابات التي تواجهها والتشاحن الإقليمي، وهي تحديات لا يمكن التعامل معها إلا إذا وقفت الدولتان مصر والمملكة صفا واحدا وفي خندق واحد. ترتيبات خاصة للزيارة • هل ترون أن الزيارة تأخرت؟ •• لا بد من إدراك أن مجيء الملك سلمان في زيارة إلى مصر يؤكد مدى أهميتها ومن ثم لا يتعلق الأمر بزيارة مرور، آتيا من دولة أخرى وهذا يعني حتمية وضرورة الترتيب الجيد واللائق لها، وهذا ما حدث على مدى الفترة الماضية، من خلال مجلس التنسيق والعمل الكثيف الذي جرى، وإعداد الاتفاقات التي تم إنجازها بالفعل حتى يكون لزيارة الملك الزخم الذي تستحقه وتترجم حجم العلاقات. • شهدت العلاقات الثنائية تطورا غير مسبوق ارتقت إلى مستوى التحالف العسكري والإستراتيجي في عهد الملك سلمان والرئيس السيسي، كيف تنظرون لمستقبل العلاقات؟ •• بالتأكيد العلاقة الإستراتيجية قائمة وتعززت في ظل قيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس عبدالفتاح السيسي وأخذت أشكالا وصيغا واضحة تعكس الاقرار لوضع قائم والحرص على استمرار تعزيزه. ونؤكد أن المسؤولين عن متابعة العلاقة يؤكدون في كل مرحلة أنه ليس هناك اختلاف في الأهداف، لكن هذا لا يمنع وجود تداول وتشاور وتبادل لوجهات النظر بصورة مستمرة فيما بيننا حول الأسلوب الأمثل لتحقيق هذه الأهداف، ولا ضرر في ذلك لأننا نقوم بأدوار داعمة لبعضها البعض، وليس بالضرورة أن تتطابق وجهات نظرنا تماما وإنما المهم هو أن نعزز من رؤيتنا التي تفضي إلى تحقيق مصالحنا وأهدافنا من خلال توزيع الأدوار فيما بيننا. وعلاقتنا بالسعودية بها من الخصوصية التي لا نريد أن ننظر إليها من زوايا العلاقات أو المواقف من جانب أطراف أخرى، وللمملكة علاقات واسعة مع أطراف إقليمية ودولية وبقدر حريتها في توجيه وإدارة هذه العلاقات لها بقدر ما تدير مصر هي أيضا علاقاتها الخارجية، ولا نتدخل في أي توجه أو سياسة تراها المملكة تحقق مصلحتها والحال كذلك لمصر تماما، إذ إننا لم نرصد أي موقف سعودي يتعارض مع ما نراه يحقق مصالح مصر، ودوما نجد أن موقف الدولتين يعكس الشراكة الإستراتيجية بينهما. • ماذا عن بورتوكول القوة العربية المشتركة المتعثر؟ •• بروتوكول القوة المشتركة ليس بمتعثر وهو عمل ضخم يتطلب المزيد من الدراسة والتشاور المستمر ليس فقط بين مصر والسعودية وإنما بين كل الشركاء الآخرين الذين أعربوا عن تأييدهم ودعمهم لهذه المبادرة وتقديرهم بأنها تخدم المصلحة العربية ككل، ونحن نسير بخطى متأنية حتى يكون المخرج النهائي من الصلابة، بحيث يفضي إلى تحقيق الهدف الذي أنشئ من أجله وهو حماية الأمن لهذه المنطقة وتحقيق الاستقرار ومواجهة الإرهاب، وللعلم كل الآراء التي طرحت من جانب المملكة في هذا الموضوع كان الغرض منها تعزيز هذه القوة وضمان قوة أدائها. • إذن لماذا تأجل توقيع البروتوكول؟ •• لا خلافات ولا منافسات وكل ما كان مطروحا من آراء خاصة من جانب المملكة استهدف تعزيز هذه المبادرة وتذكية العناصر الضرورية لها بشكل يؤدي إلى استقرارها وتفعيل الغرض الذي أنشئت من أجله هذه القوة، وهو عمل سوف نستمر فيه حتى يشعر كافة الأطراف بنضوج واكتمال كافة الأفكار والأطروحات التي تعزز منها ومن دور ومكانة هذه القوة.. نرفض إذكاء الطائفية • هل هناك وساطة لإغلاق ملفي الخلافات المصرية مع تركيا وقطر؟ •• أؤكد أن مصر كثيرا ما تحدثت عن أنها لا ترى مصلحة في إذكاء الصراع الطائفي أو المذهبي وهذه المقولة خارج نطاق تعاملنا تماما ونحن نعمل على تعزيز الأمن القومي العربي واستعدادنا للتصدي لأي تدخلات تستهدف المساس بهذا الأمن والانتقاص من سيادة أي دولة عربية. وسوف نستمر في ذلك وهو أمر أكدته المناورات المشتركة «رعد الشمال» التي استضافتها المملكة في أراضيها وشاركنا فيها بقوة وكثافة، وشهدت مشاركة كبيرة من دول المملكة والإمارات والكويت ودول أخرى. ونعلم أن هناك تحديات وتجاذبات بالمنطقة وتدخلات من بعض الأطراف الإقليمية سمتها سياسي بالدرجة الأولى تهدف إلى تطويع الإرادة العربية لخدمة مصالحها، وما يهمنا منعها من تحقيق أهدافها وحماية المصالح العربية. قدرة العرب على الرد • ما هي دلالات مشاركة مصر في مناورات رعد الشمال؟ •• المناورات شأن الدول المشاركة فيها ولا يجب لأحد أن يغضب منها لكونها عكست قدرة هذه الدول واستعدادها لحماية أمنها ومصالحها حين تكتمل إمكاناتها، وأن تصبح قوة ضخمة قادرة على ردع أي اعتداء على الأمن القومي العربي.. وهذا هو الهدف من تلك المناورات وهو تعزيز التعاون والتفاهم العسكري بين الدول العربية التي شاركت بها، وتعظيم القدرة على الامتزاج بين المؤسسات العسكرية والقوات التي شاركت بها وهي رسالة تؤكد أن القدرة الجماعية والعمل الجماعي من شأنه أن يردع من يفكر في الاعتداء على سيادة أي دولة عربية والتصدي لأي محاولة للنفاذ لزعزعة الأمن والاستقرار العربي. • كيف تنظرون إلى الأزمة في اليمن وخاصة في ظل تورط إيران في دعم الحوثيين والمخلوع صالح؟ •• مصر لن تقبل بأي نفاذ أو اختراقات لأمن وسيادة الدول العربية ومحاولات التأثير الأجنبي في أي منها والشعوب العربية هي التي ترسم وتحدد وتقرر مستقبلها ونرفض تماما أية محاولات أو تدخلات من قوى معينة تهدف إلى دعم فريق ضد فريق أو توجه سياسي ضد الآخر، وهذه أمور داخلية ينبغي أن يتم حلها وتسويتها من خلال شعب هذه الدولة ومؤسساتها وحدها وأطيافها السياسية ومن غير المقبول تماما تدخل عنصر خارجي في شأن عربي. • هل يمكن معالجة هذه التدخلات عبر الحوار أو المواجهة؟ •• هذه الرسائل تصل إلى أي طرف خارجي يحاول أن ينفذ إلى الساحة العربية وأن ما نتخذه من إجراءات وما نظهره من تضامن ونتوافق عليه برؤية مشتركة للدفاع عن المصلحة العربية وعلى وحدة الأراضي العربية والتصدي للتهديدات التي تستهدفها، بما فيها التي تشكلها تنظيمات إرهابية تلقى الدعم من خارج الإقليم وبقدر ما تظهر الدول العربية تضامنها ووحدة موقفها بقدر ما يدفع هذا الأمر أي طرف للتراجع عن موقفه ومحاولاته للتدخل في شؤون دولنا والانتقاص من سيادتها. • هل ترون أن مصر بات لديها يقين بعدم جدوى الحوار مع طهران؟ •• لم تتهيأ الظروف بعد لوجود حوار إيجابي يؤدي إلى تحقيق نتائج إيجابية، وهذا لا يمنع مستقبلا من إجراء مثل هذا الحوار إذا ما تم رصد تحقق عدة عناصر تتمثل في: وجود تغيير في المنهج والسياسة الإيرانية إزاء المنطقة والسعي إلى بناء علاقات على أسس من التعاون والاحترام المتبادل والتكافؤ في المصالح واحترام استقلال وسيادة الدول العربية على أراضيها وعدم التدخل بها والكف عن السعي لفرض النفوذ، ولا شك في أن توافر هذه العناصر يوفر مناخا جيدا ومناسبا للانفتاح بيننا وبينها. وكما تعلم حتى وقت قريب كان للسعودية ودول الخليج علاقات دبلوماسية وحوار قائم وقنوات اتصال معها لم تكن متوفرة لدى مصر التي قطعت علاقتها بها منذ زمن بعيد ولم تتطور الأمور بشكل كاف يدفع مصر نحو عقد حوار معمق مع إيران بشأن العلاقات وقضايا المنطقة ولا مجال حاليا لإطلاق أي حوار بين مصر وإيران أو تطوير بالعلاقات لأنه يرتبط بما نرصده من تطورات بمواقفها والتغير بسياساتها وأي تحرك في هذا الاتجاه سيتم بالتنسيق مع أشقائنا بالخليج في إطار ما يحقق مصالحنا ككل ويحافظ عليها. تقوية الأمن العربي • هناك من يروج لوجود «فيتو» خليجي لا يرتاح ولا يحبذ أي تطوير بالعلاقات بين مصر وإيران ما مدى صحة ذلك؟ •• هذا أمر غير صحيح إطلاقا وقرار مصر تجاه أي قضية يتم وفقا لرؤيتها التي تقدر أي مصالح وفقا للاعتبارات التي تحكم هذا القرار، والتي تربط مصر بقضايا أشقائها وبالأمن القومي العربي، ومن ثم لا توجد أي اعتبارات تحكم قرار مصر سوى مصالحها ومصالح أشقائها بالخليج، ومصر تتخذ قراراتها المبنية على أسس راسخة تحدد المستقبل وما يرتبط من مصالح وطنية وقومية. نراقب مواقف إيران • هل يعني ذلك أن مصر أدركت أو استخلصت ما يؤكد لها عدم جدية الطرف الثاني في إقامة علاقات على الأسس والمبادئ التي تحدثتم عنها؟ •• نحن نراقب مواقف إيران وسياساتها، ويدخل في ذلك علاقتها بأشقائها وجيرانها، ونحن في حالة دائمة من الرصد والتحليل والتقييم، ونأمل بعد الاتفاق النووي أن نرى سياسات تؤكد التوجه الإيجابي الذي يحقق للجميع العيش في أمان واستقرار. إجماع على أبو الغيط • إذا عرجنا إلى قضية تعيين الأمين العام الجديد للجامعة، هل يمكن التعليق عن الاختيار المصري ل «أبو الغيط»؟ •• الترشيح المصري من البداية كان ثابتا علي أبو الغيط وكان التأييد بما يشبه الإجماع فيما عدا دولة واحدة تحفظت على شخصه وليس على شغل مصر للمنصب، وكان هناك تأكيد خلال المداولات أن تستمر مصر في تولي هذا المنصب انطلاقا من الدور الكبير والتاريخي الذي قامت به منذ نشأة الجامعة. • شكا سفير إحدى الدول الأوروبية الكبيرة أخيراً مما وصفه بمعاناة مستثمري بلاده من البيروقراطية في مصر، واعتبر وجود السواتر الخرسانية حول السفارة وغيرها من البعثات والمقرات الحكومية ليست دليلا على الأمن والاستقرار في مصر وأعاد التأكيد على ضرورة وجود مصالحة مجتمعية تشرك الإخوان بالحكم فما تعليقكم؟ •• أولا يجب أن لا ينسى هذا السفير أن هذه السواتر الخرسانية موجودة في دول كبيرة حتى في واشنطن حول كل السفارات والمنشآت الحيوية محاطة بها في ظل تنامي ظاهرة الإرهاب، كما أن هذه السواتر تم وضعها حول السفارة بطلب هذا السفير وغيره من السفراء، ونحن نستغرب عدم تقديره للعوائد التي حققتها استثمارات لشركات بلاده والتي بلغت 30 % من الأرباح والعقود الضخمة التي أبرمتها شركات بلاده برغم التحديات الأمنية التي تمر بها مصر، والتي هي مجال رحب لأي استثمارات، والذي يعيش بها ويرى شعبها برغم هذه التحديات يحيا حياة طبيعية يجب أن يعزز هذا من خلال المزيد من الدعم والاستثمارات وليس بالتشكيك في إرادة هذا الشعب وهو الذي خاض تجربة ديموقراطية شهد المجتمع الدولي بنزاهتها.