لم يتردد الكاتب الوطني الدكتور عبدالرحمن الوابلي في الصدع بالحق كلما رف جناح خطر يتهدد وحدتنا وثوابتنا. ولعله لم يدر بخلده أن النهايات تدنو ليكون يوم رحيله هو يوم نشر مقاله الأسبوعي في الزميلة الوطن. اختار الجمعة يوما للكتابة منذ سنوات واختارته ليرحل في فجرها النوراني إلى جوار الملك الوهاب وحالته على الواتس أب (ظلال سحابة رحمتي تظل حتى من يكفر بي). رحل كاتب الوطن ووطن الكتابة ظافرا بالعشق لهذه الأرض بكل مكوناتها الجمالية. متحفظا على كل ملامح ومظان القبح. مخلفا الصمت ليكون سيدا يوم أمس على أصدقائه وقرائه ومحبيه. الراحل كان بدرا في سماء الكتابة الاجتماعية ونجما في النقد الثقافي. تناول بجرأة وشجاعة ما تردد البعض في تناوله. وتبنى بصدق غير مستغرب الدفاع عن الوطن والإنسان والإرث الحضاري للبشرية. في مقاله الأخير في صحيفة الوطن تساءل «كم من مدرسة متقوقعة على توحشها هدفها حرق كتب غيرها، أو مصادرتها، وإن لم تستطع فتحريمها ومنعها من الوصول إلى الناس، وكل ذلك تخوفا على فكرها الهش من أن يسقط أمام أي نقاش أو طرح مغاير». هكذا كان غيورا على المعرفة والفكر. ناشدا الحرية للتعبير عن الرأي وفق ضوابط قانونية وثقافية تمنع الإساءة لوحدتنا الوطنية أو التطاول على رموز الوطن. أرهقه الخطر من الإرهاب ودعا في مقالة سابقة إلى هيئة وطنية لمكافحة الإرهاب ومما كتب «لا بد من وجود قطاع واحد يضم في جنباته متخصصين أمنيين ومدنيين لجمع المعلومات المتناثرة عن كل حلقة من حلقات الإرهاب، من كل القطاعات الحكومية المدنية والعسكرية». لم تغب هموم وطننا وقضاياه عن كتاباته. ولم يكن يضيق ذرعا بالنقد بل كان يفتح النقاشات ويتقبل وجهات النظر. ولم يمر يوم دون أن يبعث لأصدقائه عبر برنامج المحادثة «الواتس أب» روابط مقالات ومشاهدات وأخبار تعلي من حضور الوطن وتشيد بمواهب أبنائه وبناته وقدراتهم. ورثاه الكاتب الدكتور عبدالله الكعيد قائلا «فقدنا كاتبا جريئا ورجلا نبيلا يحمل هم التنوير ويسعى لرفع الوعي بقضايا المجتمع من خلال الكتابة للتلفزيون أو في عموده الصحافي بجريدة الوطن، كنا نتهاتف للتشاور حول بعض الأفكار التي يُفترض تناولها وطرحها في وسائل الاتصال، كان رحمه الله يستمع بتركيز ويحاور بعقل.. بكل اختصار الدكتور عبدالرحمن رجل محب للسلام حتى النخاع. رحمة الله عليه». ووصفه الإعلامي علي فائع بالكاتب الصادق الشجاع. وأضاف: أظننا سنعود إليه ولكتاباته لوقت طويل، سيظل كاتبا ملهما وعميقا رحمه الله. فيما عقدت الفاجعة لسان الشاعر علي بافقيه الذي قال «خبر مباغت لا حول ولا قوة إلا بالله. لا أدري ما أقول».