زخرت المملكة بعدد من المسارح في عدة مناطق مختلفة وتقف عليها عدة جهات، فقد لا يعجز أحد من أن يجد مسرحا في كل مدينة ومحافظة، فهناك مسارح وزارة التعليم وتندرج تحتها مسارح المدارس والجامعات، وكما أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب لديها مراكز ثقافية عدة، إضافة إلى الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون، ولا يفوتنا مسارح الغرف التجارية والمراكز التابعة لها، وتساءلت «عكاظ» عن هذا الغياب في ظل وجود مسرحيين من ذوي الخبرة والمشاركات الدولية، وحاز بعضهم على جوائز في محافل كبيرة. من جهته يرى الكاتب المسرحي فهد ردة أن «عملا هنا عملا هناك، ورشة هنا تدريبا هناك، محاولات كثيرة من أجل أن لا يذبل المسرح، هنالك أزمة حقيقية، منذ عامين جمعية الثقافة والفنون، لم تعد تدعم المسرح إلا بأقل القليل المتوفر لها، والفرق المسرحية تختنق في ظل عدم وجود دعم لها، ولذلك قل الإنتاج كثيرا وبقى المسرحي السعودي يناضل من أجل البقاء في الصورة فقط». وقال ردة في حديث ل «عكاظ» إنه «لم تعد له (للمسرح) تلك القضايا الكبيرة في مناقشة وجود قاعة مسرح يعرض عليها، ولا ما هو المطلوب تقديمه، ولا المسرح النخبوي أو الجماهيري، كل ذلك لم يعد يناقش لأن الأزمة الآن أزمة وجود، والكل يناضل من أجل أن لا يغيب المسرح». وشدد ردة على أن «جمعية الثقافة والفنون تعاني مالياً، وجمعية المسرحيين السعوديين ماتت، والفرق المسرحية تحاول قدر المستطاع أن تقدم وفقا لظرفها وللمتاح لديها من هامش الوقت والزمان والإمكانات، ومع كل ذلك لا تبدو الصورة قاتمة تماما، ففرقة مسرح الطائف بمسرحية (بعيدا عن السيطرة) من إخراج سامي الزهراني قدمت نفسها محليا ومن ثم عرضت في الشارقة والأردن ومصر والبحرين وحققت أربع جوائز». وأكد أن «المسرحي السعودي حضر بشكل جيد في المهرجانات العربية من خلال لجان التحكيم والندوات الفكرية والتطبيقية، وحتى من خلال النصوص في نصين لعباس الحايك وإبراهيم الحارثي، وصدرت عدد من المطبوعات، بمعنى أن المسرحي السعودي مازال يناضل رغم البؤس والفقر المادي وقلة الدعم وعدم الاهتمام لكنه موجود ويحاول أن يشعل الشمعة دوما رغم طول الليل». وفي سياق متصل، يؤكد المسرحي ياسر مدخلي أن «المسرح يحتضر في حضرة نضال ضال، والثكنة مثخنة باليأس، والبأس علينا لا لنا، ولكن الكلمات كثيرة ولا فم يحكي، والدمع غزير ولا مكفكف»، موضحا أن «عمل (المسرح) في السعودية بلا راء، ولو كان البقاء للأقوى لبقي لكن البقاء للمهرجين والمغرضين، والعزاء لنا لنحتطب الكراسي وننادي في الأفق، في عالم قد نسي الرفق». بينما يشدد الكاتب المسرحي إبراهيم الحارثي على أنه «لا أود أن أركن لإجابة مترهلة وهزيلة، وأرمي بثقل الإجابة على كاهل الدعم فقط»، مضيفا «أعتقد بأنه يجب على المسرحيين أن يعملوا، ولنا في تجارب الفرق المسرحية الممتدة من الخليج إلى البحر أسوة حسنة، فالمسرحي هو من يدفع من جيبه الخاص ويتحمل مصاريف إنتاج عمله، وهذا موجود عند بعض الفرق التي تعمل للمسرح و للمسرح فقط». وأشار الحارثي إلى أنه «نحن الآن في فترة مهمة، فمع كل هذا التنوع الثقافي والمعرفي إلا أن المسرح دوليا مازال يحافظ على كينونته، بل يقدم نفسه بشكل كبير لا لشيء بل لأن المسرح هو الكائن الذي يتدثر بالجمال ويجعل الأخلاق والحرية رسالتين ساميتين تنطلقان منه، المسرح موجود ومتحرك لكنه الآن يمر في فترة ضعف في الإنتاج فقط، وأعتقد أننا لو اعتمدنا على الذات وشعرنا بالنرجسية قليلا فسنقدم أعمالا جيدة على المستوى الفني».