... أن تركن سيارتك في الضاحية الجنوبية لبيروت لتهم منها قاصدا الدخول إلى متجر أو زيارة صديق لاتحتاج إلى جزء من الدقيقة الواحدة، حتى يداهمك عنصر أو عنصرين من أمن حزب الله، يسألونك عن سبب الزيارة والوجهة التي تقصدها. أما أن يتحرك مئات الغوغائيين على دراجاتهم النارية مطلقين الأهازيج والشتائم فإن المسألة هي رد فعل عفوي غير منضبط. ... هي الكذبة الكبرى التي حاول حسن نصرالله تسويقها في إطلالته الأخيرة. الجرم واضح والفتنة واضحة والمجرمون واضحون. فهناك من أعطى الأمر للغوغاء بالتحرك وهناك من صاغ الشعارات لأفواههم كي ينطقوا بها، وهناك من موّل من المال النظيف كي تنتقل كل هذه الدراجات النارية في شوارع بيروت لتروّع الناس والأخطر من كل هذا أن هناك من أعلم الأجهزة الأمنية الرسمية أن التعرض لهذه المواكب الغوغائية خط أحمر... لقد حاول نصر الله في إطلالته الأخيرة أن يلقي الاتهامات جزافا، ظلما وعدوانا بحق الآخرين وما يفعله من جرائم تناساها، فالسيارات والشاحنات المفخخة، رجاله متهمون بها في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وكل الجرائم التي تلتها وطاولت قيادات من قوى 14 آذار وآلة القتل المتنقلة يمكن للوزير بطرس حرب أن يتحدث عنها وكيف أن من حاول قتله يحميه حزب الله. أما الفتنة الملعونة يسأل عنها نصرالله نفسه عندما رفع شعارات معيبة، ليبرر قتل الشعب السوري وتهجيره وعندما رفع أنصاره الرايات المذهبية فوق مساجد القصير والزبداني وعندما حاصرت ميليشياته مضايا وجوعت أهلها. الفتنة صنعتها إيران عبر نظام الملالي وصدرتها إلى العالم العربي حقدا وكراهية فأنتجت الموت والدمار أينما حلت. أما الحديث عن إسرائيل والتعامل معها ففي الأمر نكتة كبرى فقصة «إيران غيت» لم ينسها العالم بعد والتعاون الروسي الإيراني الإسرائيلي في سورية ما زال طازجا. إن تتحدث عن الحقيقة هو أمر يقرره السامعون والوقائع، أما أن تجهر في القول عما تنطق به أن الحقيقة هو مؤشر على كذب ما تقول. هاجس كبير يعصف بنصر الله، هاجس إن جمهوره لم يعد يصدقه وإن التململ بدأ يعصف بهذا الجمهور الذي من المؤكد أنه يخاف التعبير لكنه يرى ويسمع ويفكر.