رغم الانتشار الذي حققته الإذاعات الشبابية الجديدة، واستقطابها لجمهور جديد، إلا أن ثمة اختلافا حولها، فكما ينظر الشباب إليها نظرة الإعجاب، يسلط عليها الإذاعيون الكبار سهام النقد، مطالبين القائمين عليها بضرورة المساهمة في تطوير المجتمع، والارتقاء بالذوق والفكر العام، متهمينها بأنها إذاعات تسطح عقول الناس، ولا تقدم المفيد. ومؤكدين في الوقت ذاته بأن الإذاعة صاحبة رسالة قيمة، تساهم في تطوير المجتمع، والرقي بفكرهم، والعمل على تنمية الروح الوطنية، والعمل على تقديم كل ماهو مفيد. الإذاعي فريد مخلص، انتقد الدور الذي تقوم به الإذاعات الجديدة، مطالبا بضرورة الرفع من مستوى المذيعين، فقال: «إن ما تقدمه القنوات الإذاعية الجديدة التي ملأت الفضاء الإعلامي بقنوات إذاعية عبر أثيرها ليس بالمستوى المطلوب، وكثيرا ما تخرج عن المألوف ولاتهتم بمشاعر المجتمع وبعيدة كل البعد عن الإطار التقليدي . وأضاف مخلص، إن هذه الإذاعات لديها مساحة كبيرة من الحرية دون أي قيود أو ضوابط تحكمها، وثمة شريحة كبيرة من المستمعين الشباب قد يتأثرون بأفكار دخيلة تؤثر على عاداتنا وتقاليدنا، وثقافتنا العامة، والمرجو من تلك الإذاعات مراعاة مشاعر المستمعين في كل ما تقدمه، خاصة الحوارات التي تتم عبر الإذاعة، و يتم من خلالها إطلاق بعض النكات السخيفة التي لا تمت للموضوع الأصلي بصفة . وأشار إلى أن خامات الأصوات جيدة ولابأس بها، إلا أن بعضهم يلقي برنامجه بطريقة قد تكون غير محببة لدى البعض و لكنها تؤثر في الذوق العام . كما أشار مخلص إلى أن اللغة لابد أن تكون عربية متوسطة وسهلة و كثير ما نلاحظ بعض المفردات الدخيلة يتم زرعها في أذهان أبنائنا علما أن تلك المفردات يتم محاربتها في الدول العربية المجاورة التي نشأت منها، ولابد من تغذية الشباب ببرامج مفيدة و مسلية و بلغة متوسطة و سهلة تعينهم في حياتهم المستقبلية، وينبغي على وزارة الإعلام الضبط و الرقابة على المحتوى التي تقدمه تلك الإذاعات . سعود الذيابي مذيع بإذاعة جدة، أشار إلى أن الإذاعات الحديثة والتي انتشرت بشكل واسع رغم انفتاحها الكبير من خلال ماتقدمه من برامج مختلفة إلا أنها لم تسحب البساط من الإذاعات الرسمية الحكومية فهي ما زالت على نهجها منذ عقود تلتزم بسياسة الدولة الإعلامية التي تستند إلى طبيعة النظام، وما يميز الإذاعات الرسمية أنها تسعى إلى نقل وجهة نظر الدولة في برامجها السياسية ونشرات الأخبار والحوارات واللقاءات،وهي لاتعتبر مستقلة في مواقفها وتوجهاتها، و حتى في برامجها المباشرة يغلب عليها طابع التحفظ والحذر في إعدادها وتقديمها، وبالرغم من ذلك فخارطتها البرامجية منوعة ذات طابع رصين وجاد. أما الإذاعات الخاصة FM ذات الطابع الشبابي والتجاري فتلك يغلب عليها الإيقاع الغنائي والإعلاني بصورة لافتة والبرامج السريعة السطحية التي لا تقدم جرعات دسمة وغنية من الثقافة والمعرفة، ومذيعوها يفتقرون إلى المقومات اللغوية والصوتية والإلقاء الإذاعي السليم فمعيار القبول لديها هو القدرة على التعامل مع الميكرفون بجرأة وخفة ورشاقة مع التحرر من قيود اللغة والإلقاء الإذاعي وهذا هو المطلوب، أي على العكس من الإذاعات الرسمية التي توجب على المذيع أن يلتزم بمعايير محددة، وهي سلامة النطق لغويا والإلقاء الإذاعي المتعارف عليه والحصيلة الثقافيه وأن لا يبتعد عن توجهات وسياسة الدولة الإعلامية. الخبير الإذاعي في هيئة الإذاعة محمد الراعي، رمى الكرة في ملعب تلك الإذاعات وأشار اليها بأصابع الاتهام في خلع عباءة الوقار على مضمون ما تقدمه تلك الإذاعات عبر برامجها غير الملتزمة وأرجع ذلك للانفتاح الرخيص لها وأن عنصر التأهيل غائب في مجمل المقدمين فيها إلا من ملك الموهبة الفطرية فقط . ويستطرد الراعي: «لكل مهنة أساسيات وقواعد تحتاج إلى بناء قوية ومتين يبدأ من التأهيل وينتهي بالبرنامج المقدم للمتلقي ، وللأسف أجد أن معظم العاملين في تلك الإذاعات الهشة تنقصهم الكثير من المؤهلات و يحتاجون إلى التأهيل القوي والمبني على أساسات إعلامية متأصلة بعيدا عن الإسفافات التي تقدم عبر البرامج المتنوعة التي أضرت بالنشء بشكل كبير. مضيفا أن سخافة الموضوعات التي تناقشها في برامج استطلاع الرأي لا ترتقي إلى الذوق العام ولا تحترم المتلقي إضافة إلى أنها لا تعي مفردات اللغة أي اهتمام ، وتجد للأسف الإسفاف في لغة التعبير وكأنك تستمع إلى أشخاص يتحدثون في مجلس خاص بمراهقين وليس في وسيلة إعلامية. وبسبب بعض هذه الإذاعات تكونت شريحة من الشباب لا تعرف حدود الأدب في الحوار لأنها تسمع ليل نهار على مرأى ومسمع ما لا يجب أن يقال. وأعود وأؤكد أنه برغم ذلك ظهرت عناصر جيدة قليلة في القدرات والرؤية. ويؤخذ على الجهة الرقابية لدينا عدم المتابعة لهذه الإذاعات.