كان الجمهور في انتظار انطلاق الإذاعات الخاصة التي رخصت لها وزارة الثقافة والإعلام أملا في أن تقدم مواد إعلامية مسموعة مميزة تملأ الفراغ الهائل في أثير المملكة. وكنت قد كتبت في هذه الزاوية من قبل عن هذا الموضوع وذكرت أن بلدا صغيرا مثل لبنان «عشرة آلاف كيلومتر» فيه أكثر من 25 إذاعة بينما بلد بمساحة المملكة ليس فيه إلا إذاعة خاصة واحدة إلى جانب الإذاعة الرسمية بقنواتها الأربع. ومعلوم تأثير غياب المنافسة على الجودة، وهذا مبدأ اقتصادي معروف ونعلم جميعا أن تلك الإذاعة الخاصة قدمت نمطا جديدا للبث الإذاعي يختلف عن نمط الإذاعة الرسمية، وهذا معروف في كل الدول أضافت الجديد واهتمت بالشباب وأذواقهم. إلا أنها قدمت كل ما لديها واستمرت على الأسلوب نفسه، الذي حفظه الجمهور إلى حد الملل إضافة إلى تغلب أسلوب الإذاعات التجارية البحتة على عملها باعتمادها على رسائل sms المدفوعة من قبل الجمهور، وكثرة الإعلانات التجارية. وذلك أمر مفهوم من الإذاعة التي تهدف إلى تنمية دخلها، لكن عندما تصبح الوسائل غاية يبدأ الخلل. إلى أن فتحت وزارة الثقافة والإعلام المجال أمام القطاع الخاص للبث الإذاعي، وهو ما بدأ فعلا قبل شهر أو يزيد بإذاعتين والباقي في الطريق. يقال إن الكتاب يقرأ من عنوانه. ورغم أن الحكم على توجه هذه الإذاعات ونمط برامجها لا يزال مبكرا إلا أن بثها التجريبي الحالي يعطي الانطباع بأنها لا تختلف كثيرا عن سابقتها صخب وأغان من النوع سريع التحضير ونقص في تقديم ما يضيف المفيد إلى المستمع. والغريب أن دعوى معظم القنوات الإعلامية حتى المرئية منها أن هذا ما يريده الجمهور وهذا هو السوق! إذن ما فائدة الإعلام إن لم يسهم في رفع الذوق وتقويم المفاهيم وتعزيز الأصيل، إضافة إلى الاهتمام بقضايا المجتمع؟! الترفيه مطلوب بل ضرورة لكن يوجد فرق كبير بين الترفيه والإسفاف.