إن أهم وأقوى التنظيمات المسلحة العراقية الآن، هي الميليشيات الشيعية، وخاصة: فيلق بدر، عصائب أهل الحق، لواء أبو الفضل العباس، جيش المهدي، جيش المختار. ويشار إليها مجتمعة ب«ميليشيات الحشد الشعبي». وتحظى هذه الميليشيات بالإضافة لاعتراف الحكومة العراقية الحالية، بإمكانات بشرية ومادية كبيرة. ومعظمها يتلقى دعما ماديا ومعنويا هائلا من إيران...؟! ونتيجة لذلك، أصبح لهذه القوات دور عسكري وسياسي بالغ الخطورة على الساحة العراقية، وغيرها. وهناك ميليشيات سنية، وطائفية نشطة أخرى. أما أقوى التنظيمات المسلحة الخارجة على القانونين العراقي والدولي، فهي حركة «داعش» الإرهابية، التي تستهدف كل ما عداها، والتي تتمدد حاليا في كل من العراق وسورية، والتي تقول الدول المتنفذة في المجتمع الدولي إنها تحاربها، وإن القضاء عليها قد يستغرق سنوات.. حركة «داعش» الإرهابية هي حاليا الأخطر، والأكثر تمكنا ونفوذا وسيطرة على الأرض، لدرجة أنها تدعي أنها «دولة». فهي تسمي نفسها «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام»، ويرمز لها ب«داعش». وتحيط الكثير من الشكوك بقيام ونمو وتوسع هذا التنظيم الإرهابي (الإسلاموي) الذي نشأ في محافظة الأنبار التي تسكنها غالبية سنية. وظهر، أول ما ظهر، عام 2013م، في مدينة «الفلوجة» (في الأنبار، وتبعد عن بغداد 60 كم) أثناء ما سمي ب«انتفاضة المحافظات الغربية» (الأنبار، نينوى، صلاح الدين، ديالى، كركوك). وأصبحت الفلوجة أول مدينة يسيطر عليها هذا التنظيم، ومنها أعلن عن إقامة ما يسمى ب«دولة الخلافة الإسلامية». **** وتعتنق هذه الحركة المشبوهة فكرا دمويا متخلفا ومتحجرا وبالغ التطرف، تدعى أنه الإسلام الأصح...؟! والإسلام النقي من هذا الفكر براء، كما هو معروف. ويتواجد أنصار لها وتوابع في كل من: اليمن، ليبيا، سيناء، الصومال، شمال نيجيريا، باكستان، وغيرها من البلاد العربية والإسلامية. وزعيم هذا التنظيم هو سيئ الذكر: أبو بكر البغدادي. وغالبية هؤلاء الأنصار هم أتباع فكريين لداعش. إذ إنهم يؤيدون التوجه الأيديولوجي الداعشي دون أن تكون لهم صلة مباشرة بحكومة داعش في عاصمتها الحالية مدينة الرقة. وفي الواقع، يتمدد نفوذ تنظيم داعش الآن من مشارف حلب غربا حتى مدينة الكرمة، قرب بغداد، شرقا. ومن مدينة القائم في الأنبار جنوبا حتى الموصل وسنجار شمالا. إذ أصبح يهيمن على حوالى 30% من مساحة العراق، وحوالى 25% من مساحة سورية. وهو أكثر تركزا ونفوذا في محافظة الأنبار... فمن أصل 41 مدينة في الأنبار، تسيطر حركة داعش على 36 مدينة منها، بينما تقع خمس مدن فقط بيد القوات الحكومية العراقية والموالين لها. وبتاريخ 17 مايو 2015م، تمكن تنظيم داعش من بسط سيطرته الكاملة على مدينة الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار. وحاولت قوات الحكومة العراقية، مدعومة بقوات من «الحشد الشعبي»... تحرير مدينة الرمادي من قبضة داعش دون جدوى، رغم سقوط مئات القتلى والجرحى من الجانبين المتحاربين. ولكن الجيش العراقي تمكن من تحرير هذه المدينة بتاريخ 28/12/2015م. **** ويصعب، في الواقع، تغطية أهم النقاط المتعلقة بحركة داعش، فكرا وتنظيما وسلوكا، في عجالة كهذه. لهذا، نذكر بعض أهم ما يتعلق بتلك النقاط، على أن نتحدث عن البعض الآخر لاحقا. إن قيام ونمو وتوسع هذه الحركة تم بمساعدة -مقصودة وغير مقصودة- من دول كبرى وأطراف دولية معروفة... تستفيد من وجود هذه الحركة مؤقتا. ولا يمكن ألا يكون لأعداء الأمة العربية، إذن، الدور الأكبر في قيام ونمو وتوسع هذه الحركة... التي تلعب الآن دورا بارزا في تمزيق دول المنطقة ونشر الاضطراب والقلاقل وعدم الاستقرار في ربوعها، إضافة إلى تشويه الإسلام بشكل غير مسبوق في التاريخ. وما التخاذل «الدولي» في محاربة هذه الحركة إلا لتمكينها من تنفيذ الدور المرسوم لها. وهكذا، نرى بأن العراق وسورية (التي بها ميليشيات مشابهة) باتا يحفلان بوجود العديد من التنظيمات الإرهابية المتنافرة والمتحاربة. الأمر الذي جعل من العراق والشام ساحة اقتتال إرهابي دموي... قد يمتد ليشمل دول الجوار، أو بعضها.