ذرت الحكومة السودان أمس (الخميس) الملح لتذويب جبال من الجليد وقفت عائقا لسنوات أمام نمو الاستثمارات السعودية لديها، ما تسبب في منع تدفق المستثمرين إلى بلادها، معلنة إسنادها ملف الاستثمارات السعودية على وجه الخصوص لجهة تتبع مباشرة لرئاسة الجمهورية، في إطار ما اعتبرته حرصا على إزالة العقبات والعراقيل التي تمنع تدفق رؤوس أموال السعوديين للسودان. ولم يسبق للسودان إعلانه هذا الإجراء في السابق إلا للاستثمارات الصينية، حيث كلف وزير النفط السابق الدكتور عوض الجاز ليكون مسؤولا عن الاستثمارات الصينية، الأمر الذي عزز انطلاقتها على مدار سنوات عدة، وأصبحت تشكل منعطفا كبيرا في علاقات البلدين. وأعلن نائب الرئيس السوداني بكري صالح في ختام ملتقى الاستثمار السوداني في الخرطوم أمس، أن وزير الدولة بوزارة الاستثمار أسامة هاشم سيكون المسؤول عن الاستثمارات السعودية في السودان، «مما يعزز عملية تنشيطها ويحسم أي صعوبات تواجهها»، معربا عن شكر بلاده للمبادرات السعودية تجاه السودان، وللدعم الكبير الذي تقدمه، مشيدا بالتطور النوعي في علاقات البلدين. وأكدت التوصيات الختامية للملتقى بحضور وزير المالية السعودي الدكتور إبراهيم العساف أهمية تعزيز ضمانات الاستثمار للمستثمرين المحليين والدوليين، ومراجعة القوانين المنظمة للاستثمار بما فيها قانون العمل السوداني في إطار تحسين بيئة الاستثمار، بالإضافة إلى القيام بمزيد من الجهود والمبادرات للترويج للتطورات الاقتصادية والاستثمارية التي يشهدها السودان. كما تضمنت التوصيات التركيز على تطوير السياسة النقدية والمصرفية، واستنباط وسائل جديدة وآليات مستحدثة لتمويل المشروعات، وأهمية تطوير البنية التحتية لجذب الاستثمارات. من جهة ثانية، طالبت الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي السودان بتخصيص مليون فدان لتكون منطقة زراعية حرة، في المنطقة الواقعة حول سد نهر الستيت وأعالي نهر عطبرة، لإقامة مشروع زراعي مروي متعدد الأغراض بغرض التصدير. واقترح مدير الدراسات بالهيئة الدكتور شعلان المشايخي في ورقة عمل قدمها أمس في الملتقى الطلب من الحكومة السودانية بتقسيم المنطقة الزراعية الحرة لعدة مشروعات زراعية للاستثمار المشترك بين الهيئة والقطاع الخاص، مشددا على ضرورة توفير التمويل اللازم لتأسيس البنيات التحتية الأساسية في المنطقة الزراعية الحرة بواسطة الصناديق العربية. في الاتجاه نفسه توقعت المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات (ضمان)، ما اعتبرته «مستقبلا واعدا للاستثمار في السودان يرتبط باستمرار الخطط والبرامج الرامية لتحسين مناخ الاستثمار مع استقطاب التمويل وتوقيع الاتفاقيات». وأكد مدير المؤسسة فهد راشد الإبراهيم في مداخلته بالملتقى «دعم المؤسسة المتواصل للسودان بجذب التدفقات الرأسمالية وتشجيع الصادرات إلى جميع الدول العربية من خلال ما تقدمه من خدمات تأمينية»، مبينا أن السودان نال 12% (نحو ثلاثة مليارات دولار) من إجمالي عمليات المؤسسة في الضمان البالغ 13.3 مليار دولار العام الماضي (2015)، لافتا إلى جهود السودان في استقطاب شركات كبرى من السعودية، قطر، لبنان، مصر، ألمانيا، الصين، ماليزيا والهند، للاستثمار في مجال التعدين، النفط، الزراعة، التصنيع، الخدمات والعقارات.