عرفت آني أرنو الروائية الفرنسية بأعمالها التي تتقاطع مع سيرتها الذاتية؛ فكانت دائما تحت الأنظار، ومادة جيدة للنقد والصحافة وللمتعطشين لهذا النوع من التلصص الأدبي المتاح، تخلت آني عن الطريقة التقليدية التخيلية لكتابة الرواية، واتجهت إلى الرواية المبنية على أحداث حقيقية، من منطلق أن الحياة التي تكتب عنها هي واحدة فقط. نجد أنها في كل عمل من أعمالها ضوءا مسلطا على موضوع بعينه تتناوله بحميمية مطلقة، كالانتظار في كتابها «شغف بسيط» والإجهاض في كتابها «الحدث» وغير ذلك من أعمالها الروائية. أما في روايتها «الاحتلال» الصادرة عن «دار الجمل» في 69 صفحة، تناولت «الغيرة» عبر أسلوب مباشر خالٍ من التكلف والزينة وصادم أحيانا، إذ تغوص في العمق دون التردد بشأن ما إذا كان ذلك مناسبا أم لا، تبدأ الرواية بعلمها أن عشيقة أخرى تلازم عشيقها السابق الذي تركته بمحض إرادتها فتبدأ من هنا دوامة الهوس بهذه المرأة التي أخذت مكانها القديم «بدءا من تلك اللحظة، اجتاح وجود تلك المرأة كياني فلم أعد أفكر إلا عبرها». تسرد آني بتغلغل شعور الغيرة الذي يدفعها إلى تتبع كل الخيوط إلى تلك المرأة؛ لمعرفة أدق تفاصيلها، عمرها، مظهرها، شخصيتها، ويدفعها أيضا إلى القيام بأقصى ما هو ممكن؛ للتعرف عليها بطريقة مفرطة الانفعال مثل المشاهد التي نجدها تتصل بعشوائية بكل ساكني عمارة تعتقد بأن غريمتها تسكن فيها. كما أن هذا الاحتلال أعاد إليها عاطفتها المشبوبة تجاه عشيقها وتبدأ في استرجاع تفاصيل ماضيهما وتعود مهووسة بشأن ما يكنه لها من عاطفة، «لقد أصبحت مهمة التبادل والتخاطب التي نعطيها عادة للغة في المرتبة الثانية، إذ حلت مكانها إما أن تعني وإما ألا تعني حبه لها أم حبه لي».