وضع الرحيل المر للفنان القدير فؤاد بخش فجر أمس إثر تعرضه لجلطة، الدراما السعودية في مقدمة سرادق العزاء التي تبكي فقده وتندب خسارته، طاوية بوفاته فصلا مضيئا من سجلها النفيس بأعماله التي قدمها عبر عقود أربعة مازالت تجوب ذاكرة الناس حتى اليوم، إذ ساهم في إخراجها من حدودها المحلية إلى فضاء عربي أرحب رسخ من خلاله الثقة في قدرات ممثلي وطنه على مقارعة الكبار ومقاسمتهم البطولة والأدوار الرئيسية. واليوم، وإذ لم يعد سفير الفن الخليجي معنا وقد أغمض إغماضته الأخيرة في غفلة ثقافية تبدو مألوفة جريا على نسق إهمال تكريم الرموز الإبداعية، يستحضر التاريخ قبسا من إنتاجه الذي أرفد به المكتبة التلفزيونية والمسرحية والسينمائية بالعديد من الأعمال الخالدة، وإن كان قد أشعل مع رفيق درب البدايات محمد حمزة «أصابع الزمن» وتزعما التجديد في الدراما السعودية في الحقبة الاستثنائية مطلع الثمانينات، فإنه طرق أبواب النجومية عربيا وعبر مجالات مختلفة جعلته من بين أكثر الممثلين السعوديين ألقا وحضورا. يصنف بخش على أنه مزيج لذيذ مسكوب في وعاء الفن المحلي، حيث عمل منتجا وممثلا ومؤلفا على مستويات الشاشتين الكبيرة والفضية وخشبة المسرح داخليا وإقليميا، وأعطى خلال تجاربه هذه الكثير من الجهد والخبرة التي أضافت للفن السعودي، وهو أول منتج من المملكة يقدم عملا سينمائيا، حين غامر في فيلم «ويبقى الحب» الذي تم عرضه قبل ثلاثة عقود من بطولته والفنانة سهير رمزي والفنان الراحل فريد شوقي، ولم يكتب له النجاح نتيجة الشللية التي مورست ضد هذا العمل في حينها وقيدت الترويج له. وقدم تلفزيونيا أعمالا مؤثرة يبقى أبرزها مسلسلات «أصابع الزمن، ليلة هروب، بابا فرحان، عفوا أبي، عيال بحر، السيف، والوصية»، وتنوعت بين الكوميدي والتراجيدي البدوي والأطفال، لكنه أمام ذلك وفي أكثر من مناسبة التقيته فيها كان بخش ينثر همه تجاه النمط الذي يمارس تجاه الإنتاج المحلي من قبل قسم الإنتاج التلفزيوني ملقيا اللوم عليه في تغييب الأعمال الدرامية السعودية وعزوفه عن دعم الممثلين والمنتجين لتقديم أعمال جديدة واستبدال ذلك باستيراد الأعمال الجاهزة ما أفقدنا الشعور بلذة المنتج السعودي ومعايشته لواقعنا. كان المسرح يستهوي اهتمام بخش لكنه على حال لم يقدم سوى خمسة أعمال بارزة، هي: «البحث عن وضيفة، عويس التاسع عشر، عايز أتجوزك، في سبيل برقوق، سبع صنايع».