يخطف مشهد التنافس المثير بين الهلال والأهلي في هذا العام اهتمام النقاد والرياضيين على حد سواء، إذ لا مشهد أكثر إثارة من مشاهد الصراع المحموم بينهما على كعكة ألقاب الموسم المحلي والقاري، بعد أن ارتقيا سقفا رفيعا من المنافسة والندية في مختلف البطولات والمنافسات توجا من عليه ألق حضورهما اللافت في العامين الأخيرين، فلا حضور أبهى من حضورهما على معشبات الكرة ولا صوت يعلو صوت أنصارهما في مدرجات الملاعب وساحات مواقع التواصل والإعلام، ما يفرض حالة جاذبة ومثيرة للاهتمام تنبىء بصراع خاص تعززه الأرقام الفريدة والمستويات الفنية الرفيعة. قياسية عالمية تثير أرقام الفريق الأهلاوي منذ موسمين الانتباه إليه بوصفه صاحب رقم قياسي فريد في عدم تجرعه مرارة الخسارة في ماراثون الدوري الطويل، إذ لا يبدو أن رقمه قابل للكسر حتى على المدى القريب في ظل الفارق الفني الكبير الذي يتفوق به عن منافسيه عدا الهلال المكافئ له فنيا وعناصريا، لكن مواجهته المقبلة معه ستكون في آخر جولات الدوري. فمن بين فرق العالم يكاد الراقي يكون الفريق الوحيد الذي لم يتجرع مرارة الخسارة إن لم يكن هو كذلك فعلا، الأمر الذي وضعه أولا في تصنيف الفيفا على مستوى القارة لهذا الشهر رغم تفوق الهلال عليه في مسابقة دوري الأبطال ببلوغه نصف النهائي وتعثره في الرمق الأخير، والشاهد في ذلك أن النادي الأهلي إذا ما نجح في الخروج متوجا باللقب سيكون قد أعطى رقمه هذا صبغة الفرح الاستثنائي بعد أن قرع طبول الاستثناء بعدم تحقيق لقب الموسم الماضي رغم أنه الأفضل من جميع النواحي ولم يخسر على الإطلاق فكان فشله في التتويج حدثا يوازي رقمه أهمية ودهشة. حل الأهلي في المركز الثامن والسبعين عالمياً في التصنيف الشهري متجاوزا الهلال الذي جاء في المركز الثامن والثمانين عالمياً محتلا المركز الثاني بعد جوانجزو إيفرجراند الصيني حاملا لقب دوري أبطال آسيا النسخة الماضية، وهي دلائل تشير على قوة الفريق الأخضر هذا الموسم واقترابه من تحقيق حلمه المنتظر، فأن تكسر تفوق النادي العاصمي الذي تزعم ترتيب القارة لسنوات في موسم ينافس فيه على اللقب، فإن ذلك يعني أنك جدير بالبقاء على القمة كتفا إلى كتف بجوار الهلال بكل تاريخه وخبرته وأرقامه. أطماع الرباعية في المقابل من حضور الأهلي فإن الهلال الثابت الوحيد على منصات التتويج منذ الألفية الجديدة، ومجابهته هي بلا شك مقياس لقوة المنافس وصموده وتحقيقه الألقاب، فالواقع يقول إن الفرق التي تتخطى الزعيم الآسيوي بالفوز عليه ينتهي بها الحال إلى التتويج بالدوري وهو ما لم ينجح فيه الأهلي الموسم الماضي بينما حققه هذا العام وفاز في مواجهة الدور الأول، لكن الأزرق الذي يتصدر حاليا يطمع في تحقيق رباعية تاريخية بعد أن توج بلقب السوبر في مستهل بطولات الموسم وبلغ نهائي كأس ولي العهد وتصدر ترتيب الدوري ويبدو طريقه إلى نصف نهائي كأس الملك سالكا وفق نتائج الدورين الماضيين. وينشد الرئيس الأمير نواف بن سعد أن يحقق الفريق العاصمي إنجازا مختلفا في عامه الأول، خاصة أن المجموعة التي يضمها مميزة وتمثل صفوة نجوم الكرة السعودية وتمرست على التحديات الصعبة ببلوغها المراحل الصعبة في البطولة القارية وتواجدها على كافة النهائيات فيما لم يغب عن منصات التتويج منذ 15 عاما على الأقل، وبحسب المراقبين فإن دكة دونيس والإحلال الذي أحدثه سيكونان مصدر قوة للمضي بعيدا في المسابقات المحلية والقارية، ولاسيما بوجود مزيج من نجوم الخبرة والشباب، قد يضعانه على بعد رباعية جديدة وتعيد إلى الأذهان سيطرته على الألقاب بين موسمي 2004 و2006 في عهد الرئيس محمد بن فيصل حين حقق كأس الأمير فيصل بن فهد (يرحمه الله) 2004 ثم عززه بكأس سمو ولي العهد وأكمل عقد الثلاثية بكأس دوري خادم الحرمين الشريفين، مواصلا في الموسم التالي 2005 احتكار كأس الأمير فيصل بن فهد ولقب كأس سمو ولي العهد وحل وصيفا لبطولة الدوري في تلك الفترة. صراع مزدوج يظهر التنافس بين الهلال والأهلي بشكل خاص هذا الموسم متوجان 3 أعوام من التألق لكليهما رغم بعض المطبات «الصناعية» التي أطاحت بهما عن عرش بعض البطولات، وهما في آخر 3 مواسم الأكثر تميزا بين الفرق السعودية على المستوى القاري وصراعهما هذا الموسم سيكون مختلفا ومثيرا، فالأمور تسير إلى احتدام على أكثر من جبهة عززت من ذلك ظروف القرعة وتفوقهما النقطي في بطولة الدوري، فعلاوة على الصراع الدائر بينهما على قمة ترتيب دوري عبداللطيف جميل بتنافسهما على الصدارة وبفارق لم يتجاوز في أقصى مداه النقاط الثلاث، سيكونان على موعد مع نسخة مكررة من صراع مهم على لقب كأس ولي العهد حيث يتواجهان في النهائي للمرة الثانية على التوالي في 19 فبراير المقبل، وكان النادي الغربي قد توج بلقب النسخة الماضية على حساب الأزرق بهدفين لهدف أجبرت رئيس النادي السابق الأمير عبدالرحمن بن مساعد على الاستقالة وإقالة الروماني ريجيكامبف. وسيكون الفريقان إلى حد كبير على موعد خاص في نصف نهائي كأس الملك إذا ما نجحا في تخطي أي من فرق (الخليج والمجزل والشباب والرائد)، وهما الأوفر حظا من بين هذه المجموعة وفق المعطيات الفنية والعناصرية. وتنتظر الفريقين مواجهتان مؤكدتان هذا الموسم، حيث يلتقيان في الرياض في نهائي كأس والعهد فيما يلتقيان في جدة في الرابع والعشرين من أبريل القادم، ويرى مراقبون أن هذه المواجهات والظروف لم تأت من قبيل مصادفة بل صنعتها أفضلية الفريقين خلال عامين من الإثارة بينهما.