تأتي رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لانطلاق فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية 30»، وحرصه على توجيه الدعوة لعدد من الملوك والرؤساء، لحضور حفل الافتتاح، لتؤكد دعمه للتراث الوطني، وللمشاريع والبرامج والفعاليات التي تهدف إلى المحافظة عليه والاعتناء به. ولم تكن رعاية الملك سلمان للتراث الوطني وليدة اللحظة، بل هي استكمال لما عرف عنه منذ أن كان أميرا للرياض، إذ كانت الإمارة بوابة لمعرفة الكثير عن ملك مؤرخ وموثق، يحرص على متابعة المشهد الحضاري والتاريخي، ويدعم كل الجهات الساعية إلى الإسهام في المحافظة على التراث الوطني بمختلف مجالاته، بما يرسخ مكانتها الحضارية وعمقها التاريخي. وقد تحدث مثقفون ومؤرخون سعوديون وعرب، عن شخصية خادم الحرمين الشريفين الأديب والمثقف، مشيرين إلى عنايته بالمعالم التاريخية، وما يملكه من رصيد ثقافي يبهر كل من يحاورهم أو يتحدث معهم في المناسبات الثقافية أو الخاصة، والتي يحرص على تخصيصها لمناقشة الكثير من الجوانب التراثية على مستوى مناطق ومحافظات المملكة، ويحتفي من خلالها بصاحب كل جهد يصب في خدمة التراث والثقافة. ويؤكد المتحدثون أن الملك سلمان دعم ومازال، الكثير من المشاريع التراثية، بداية من منطقة الرياض التي تولى إمارتها أكثر من خمسة عقود حفلت بالعطاء لهذا الإرث الحضاري. ولعل أهم الشواهد على هذا الاهتمام وفق ما أبرزته الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، النقلة العمرانية الهائلة التي شهدتها مدينة الرياض، التي تحولت في زمن قياسي من قرية صغيرة إلى مدينة عصرية تضاهي عواصم الدول المتقدمة في رقيها وتطورها، حيث تزايدت حركة العمران بصورة مذهلة، مما أهلها لأن تكون مدينة عالمية كبرى في فترة وجيزة. ولكن لأن الملك سلمان ينظر إلى التراث على أنه يمثل هوية المدن، فقد حافظت الرياض مع كل هذا التطور على هويتها المعمارية سواء أكان في المواد المستخدمة أو آليات البناء والتصميم مع بعض ملامح التجديد التي لم تؤثر على جوهر الهوية والموروث الحضاري لهذه الأمة، فعبر تراث المملكة المحلية إلى العالمية، وجاء الاعتراف به وإدراجه في قائمة التراث العالمي من خلال مواقع مدائن صالح، والدرعية التاريخية، وجدة التاريخية. ومن أهم المواقع التي أولاها الملك سلمان اهتمامه ومتابعته الدرعية التاريخية واتضح ذلك في خططها وبرامجها التطويرية، منذ وقت مبكر لإعادة إعمارها، وكان له الدور البارز في اعتراف العالم بها من خلال الموافقة على تسجيل حي الطريف في قائمة التراث العالمي في منظمة اليونسكو عام 1431، إضافة إلى مركز الملك عبدالعزيز التاريخي الذي أنشئ بدعم مباشر من خادم الحرمين الشريفين، ويحتضن دارة الملك عبدالعزيز، وفرع مكتبة الملك عبدالعزيز، وقاعة الملك عبدالعزيز للمحاضرات، والقصور الطينية، والمتحف الوطني، إلى جانب عدد من المنشآت التاريخية، وفي مقدمتها قصر المربع، وأجزاء من سور المجمع القديم وأحد أبراجه، ومجموعة متكاملة من المرافق العامة مثل جامع الملك عبدالعزيز، وشبكة حديثة من الطرق، والمواقف المتعددة والممرات المرصوفة، وعدد من المطاعم الحديثة. وتؤكد الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، أن منطقة قصر الحكم التي تجسد حضن التاريخ وترسم ملامح نشأة الدولة السعودية ومراحل تطورها، حظيت باهتمام لافت من الملك سلمان من خلال رفع المستوى العمراني بها، والارتقاء بمظهرها والمحافظة على العناصر والمواقع التراثية فيها، حيث تمت إعادة تأهيلها وترميم كثير من معالمها التراثية بأساليب معمارية تجسد عراقة الماضي وتواكب الحداثة والمعاصرة، لاسيما وأن منطقة قصر الحكم تضم سلسلة من المعالم التاريخية، منها حصن المصمك التاريخي الذي تم ترميمه وتجديده وتحويله إلى متحف يعرض مراحل تأسيس المملكة، افتتح عام 1416، كما افتتح العام الماضي مشروع تطوير العرض المتحفي فيه، إضافة إلى رعاية الملك سلمان ودعمه للبرنامج الوطني لتطوير قصور الملك عبدالعزيز التاريخية، والذي تضطلع به الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالتعاون مع شركائها، وذلك في جميع مناطق المملكة، ولم يكتف خادم الحرمين الشريفين بدعم البرنامج، وإنما حرص على زيارة المعالم العريقة التي شهدت تأسيس المملكة وتوحيدها.