قدّم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – الكثير من الجهود لدعم التنمية السياحية والتراث الوطني في المملكة على مدى أكثر من 50 عامًا ، منذ توليه إمارة منطقة الرياض حتى وقتنا الحاضر، وكان داعمًا رئيسًا لمشروعات وبرامج الحفاظ على التراث الوطني ، ومتابعاً لحراك المشهد الحضاري والتاريخي ، وإبراز البعد الحضاري لأرض المملكة بما يرسخ مكانتها الحضارية وعمقها التاريخي ، وتوصيلها إلى العالمية . وأولى الملك سلمان بن عبدالعزيز – رعاه الله – قضايا التراث اهتماماً كبيراً، عبّر عنه تطور النسيج العمراني للعاصمة الرياض ، خصوصاً المعالم التاريخية التي شهدت تكوين الدولة السعودية ، وتوحيد هذه البلاد على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله – ، حيث حظيت برعاية خاصة منه – أيده الله – للمحافظة عليها . وحافظ خادم الحرمين الشريفين على هوية مدينة الرياض المعمارية ، طيلة العقود الماضية ، سواءً في المواد المستخدمة أو آليات البناء والتصميم مع بعض ملامح التجديد التي لم تؤثر على جوهر الهوية والموروث الحضاري لهذه الأمة ، واستطاع حفظه الله أن يعبر بتراث الأمة من الحيز المحلي والإقليمي إلى الفضاء العالمي ، وإدراجه في قائمة التراث العالمي ، ومنها مواقع مدائن صالح ، والدرعية التاريخية ، وجدة التاريخية . وكان للدرعية التاريخية نصيبها من اهتمام الملك سلمان بن عبدالعزيز منذ أن كان أميراً لمنطقة الرياض ، فوجّه برسم الخطط والبرامج التطويرية للنهوض بعمارتها مع التمسك بقيمتها التاريخية ، وترأس – حفظه الله – اللجنة التنفيذية لتطوير الدرعية بالهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض ، وصدرت الموافقة السامية على برنامج تطوير الدرعية التاريخية عام 1419ه ، وله أيده الله دور بارز في اعتراف العالم بها من خلال الموافقة على تسجيل حي الطريف في قائمة التراث العالمي في منظمة اليونسكو في عام 1431ه . ووضعت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض إستراتيجية شاملة لتطوير الدرعية التاريخية ، تضمنت تحويل المناطق الأثرية في الدرعية إلى مراكز ثقافية وحضارية على المستوى الوطني ، تقديراً للدور الريادي والحضاري للدرعية التي تحكي قصصاً وأحداثاً تاريخية شاهدة على بطولات وتطور الدولة منذ عهد الملك عبدالعزيز ، ومن بعده أبنائه . واستمرارا لمنهج الملك سلمان في المحافظة على تراث المملكة ، تم إنشاء مركز الملك عبدالعزيز التاريخي , وافتتح عام ( 1419ه ) ، وقامت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض إبان رئاسته – حفظه الله – لها ، بتطويره بوصفه أحد أهم المعالم الحضارية والثقافية في العاصمة ، وجّهز بالعناصر اللازمة التي تؤهله لأن يكون واحة ثقافية وسط العاصمة ، حيث شملت عمليات التطوير والإضافة جميع مكوناته بشكل يعكس مدلوله التاريخي ودوره في بناء الدولة. ويحتضن المركز دارة الملك عبدالعزيز ، وفرع مكتبة الملك عبدالعزيز ، وقاعة الملك عبدالعزيز للمحاضرات ، والقصور الطينية ، والمتحف الوطني، إلى جانب عدد من المنشآت التاريخية ، وفي مقدمتها قصر المربع ، بالإضافة إلى أجزاء من سور المجمع القديم وأحد أبراجه ، ومجموعة متكاملة من المرافق العامة مثل جامع الملك عبدالعزيز وشبكة حديثة من الطرق ، والمواقف المتعددة والممرات المرصوفة ، وعدد من المطاعم الحديثة . ووجدت منطقة قصر الحكم الاهتمام الكبير من الملك سلمان ، من خلال رفع المستوى العمراني والارتقاء بمظهرها والمحافظة على العناصر والمواقع التراثية فيها ، حيث تم إعادة تأهيلها وترميم كثير من معالمها التراثية بأساليب معمارية تجسد عراقة الماضي وتواكب الحداثة والمعاصرة ، لاسيما وأن منطقة قصر الحكم تضم سلسلة من المعالم التاريخية ، منها حصن المصمك التاريخي الذي تم ترميمه وتجديده وتحويله إلى متحف يعرض مراحل تأسيس المملكة ، وافتتح عام ( 1416ه ) ، وتم العام الماضي افتتاح مشروع تطوير العرض المتحفي في المتحف . ولم يقف دعم الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى هذا الحد ، بل شمل دعم البرنامج الوطني لتطوير قصور الملك عبد العزيز التاريخية الذي تضطلع به الهيئة العامة للسياحة والآثار بالتعاون مع شركائها في جميع مناطق المملكة ، وظلت زياراته – وفقه الله – متواصلة لتلك المعالم العريقة التي شهدت تأسيس هذه البلاد وتوحيدها . وقال خادم الحرمين الشريفين، خلال زيارته لمتحف المصمك التاريخي بالرياض عام 2012م ، بعد اطلاعه على العروض المتحفية التي قامت الهيئة العامة للسياحة والآثار بتطويرها ، ” من هذا المكان ( المصمك ) بدأ توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز ورجاله الذين لا يتجاوز عددهم ال63 فرداً ، فتمت الوحدة ، ولله الحمد على كتاب الله وسنة رسوله ” . وزار الملك سلمان بن عبدالعزيز في العام ذاته ، قصر الملك عبدالعزيز التاريخي بالخرج ، واطلع على التصورات التصميمية الأولية لترميمه وتأهيله ، ووقف على مخططات مشروع تأهيل المنطقة المحيطة به . وأكد في أكثر من مناسبة أن مجدنا في الاعتزاز بموروثنا الحضاري ، وأن التراث يجسد الماضي وتبنى عليه حضارات الأمم في الحاضر والمستقبل . وأوجد برنامج تطوير القرى والبلدات التراثية الذي انطلق في منطقة الرياض من محافظة الغاط ، العديد من الاتفاقيات التي تخدم قضايا التراث ، من بينها اتفاقيات التمويل بين بنك التسليف ، وجمعية الغاط التعاونية لتمويل مشروع النزل التراثية ، إضافة إلى رعاية مشروع تطوير حي الظهيرة بوسط الرياض . وأسس لجان للتنمية السياحية في 8 محافظات في منطقة الرياض ، في الخرج ، والمجمعة ، والزلفى ووادي الدواسر ، وشقراء والقويعية ، والغاط ، وثادق ، وتابع مشروع أعمال التنقيب والبحث العلمي في موقع اليمامة الأثري ، ودعم مشروعات تأصيل العمارة التراثية في المباني والمعالم الحديثة ، مثل مشروع تطوير حي السفارات ، وقصر الحكم ، ومركز الملك عبدالعزيز التاريخي ، والمحكمة الكبرى ، فضلاً عن رعاية مشروع تطوير وتأهيل مسار طريق توحيد المملكة الذي سلكه الملك عبدالعزيز من الكويت إلى الرياض. وشملت جهود الملك سلمان – حفظه الله – خدمة التراث بمفهومه الواسع داخل المملكة وخارجها ، من خلال دعمه المتواصل للتراث عبر دارة الملك عبدالعزيز التي يرأس مجلس إدارتها ، وتمكن في فترة وجيزة من تطوير مهامها لتضطلع بخدمة التراث الوطني ، ودعم الأبحاث والدراسات التي تبرز تاريخ وجغرافية وآداب وتراث المملكة والدول العربية والإسلامية بصفة عامة . وتسلم خادم الحرمين الشريفين في شهر ربيع الأول عام 1434ه ، جائزة الإنجاز مدى الحياة في مجال التراث العمراني ، التي تقدمها مؤسسة التراث الخيرية من الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني رئيس مؤسسة التراث ، حيث مثل قبول الملك سلمان دعماً كبيراً لقضايا التراث العمراني الوطني ، وامتداداً لجهوده في الحفاظ على الموروث الوطني ورعايته . وعزز الملك المفدى دور أعمال مجلس التنمية السياحية ، من خلال دعم الفعاليات والأنشطة السياحية ، وإنشاء العديد من المشروعات التراثية والتاريخية التي أصبحت وجهة سياحية رئيسية ، مثل مركز الملك عبدالعزيز التاريخي والمتحف الوطني ومتنزه الثمامة البري ، وواحة الأمير سلمان للعلوم ومتحف المصمك ووادي حنيفة ، وعدد من المواقع الأخرى ، حيث أصبحت العاصمة تتباهى بهذه المشروعات المشرفة ، أمام زوارها من الداخل والخارج وشاهد عين على انجازاته. ووجه خادم الحرمين الشريفين أثناء توليه – وزارة الدفاع – الجهات ذات العلاقة في وزارة الدفاع بعدم إزالة أي مبني أثري أو تراثي إلا بعد التنسيق مع الهيئة العامة للسياحة والآثار ، ليتسنى التأكد من أهميته التاريخية والعمرانية والإبلاغ عن أي تعديات أو إزالة للمباني التراثية ، والتواصل مع الهيئة عند ملاحظة أي موقع أثري بحاجة إلى المحافظة عليه بترميم أو نحو ذلك . وزار الملك المحب للتراث – إبان توليه ولاية العهد – جدة التاريخية التي سُجلت في قائمة التراث العالمي ، وتجوّل فيها ، والتقى بزوارها في جو أبوي، وشدّد – رعاه الله – خلال هذه الزيارة على أهمية إحداث نقلة نوعية في مختلف المجالات ، وعدم إعاقة وصول الناس إلى أماكنهم ، وتمكين الشباب من زيارة المواقع التاريخية في عموم مناطق المملكة للتعرف على تاريخ وطنهم المشرق وملحمة وحدته الفريدة .