وصف الناقد الأكاديمي الدكتور محمد بن مريسي الحارثي أحمد السباعي بالرائد والقامة الأدبية الكبيرة والشخصية الحضارية التي تبنت مشاريع تنويرية سابقة لزمنها، برغم قلة ذات يده وضعف إمكانات ذلك الزمن الذي بدأ فيه السباعي ينفذ شيئا من أفكاره وأحلامه ومنها المسرح. وأكد أن السباعي ترشح لنيل جائزة الدولة التقديرية منذ ربع قرن لما له من دور نخبوي في الثقافة الأدبية والصحافة، وعدّه من آباء السرد والتاريخ وإن كان للتاريخ أقرب كما يرى. وعن ورقته في أدبي مكة التي أثارت جدلا مساء أمس الأول قال بن مريسي: المسرح يصنع الأجيال وأهداف السباعي سامية جدا وتأثره بفكرة تأسيس المسرح جاءت بحكم علاقته بمصر والمصريين، وأضاف: ولا شك أن الريادة لأحمد السباعي في مجال المسرح السعودي دون منازع، كونه أسس أول مسرح بالمفهوم الحديث للمسرح في مكةالمكرمة (عام 1381) باسم: (دار قريش للتمثيل القصصي الإسلامي)، وقام بتجهيزه بكافة مستلزمات المسرح، وبنى له دارا مخصوصة ملحقة بمنزله، ووفر له كل ما يحتاجه التمثيل المسرحي من أدوات وديكورات وملابس، وتم تدريب الممثلين من هواة الشباب السعودي بإشراف أحد كبار المخرجين المصريين الذي كان قد أخرج معظم مسرحيات يوسف وهبي عميد المسرح العربي، وحفظوا أدوارهم في أول مسرحية أعدها محمد عبدالله مليباري باسم (فتح مكة) لافتا إلى أنه بعد أن تحدد موعد افتتاح المسرح، إذا بمن لا تروق لهم فكرة إنشاء مسرح يحولون دون افتتاحه. مؤكدا أن أهل المسرح يعتبرون مسرح السباعي أول مسرح عرف في البلاد السعودية، وأن أحمد السباعي رائد المسرح السعودي، وعن تطاول أحد المعلقين على ورقته في أدبي مكة على السباعي وحمده الله على وفاته وهدم مسرحه، أوضح بن مريسي أن هناك شخصيات غير موضوعية في طرحها وليست متخصصة وتظن أن الثقافة الإسلامية تحرم المسرح وتقف ضده وهذا وهم، فالمسرح موجود تاريخيا في العالم الإسلامي والمرأة حاضرة مسرحيا كون المسرح من دونها ناقصا، لأنها نصف المجتمع إلا أن حضور الرجل والمرأة مسرحيا له ضوابط شرعية منها البعد عن فاحش القول والتزام الزي المحتشم، ووصف المناهضين للحركة المسرحية ومشاركة المرأة ب «ضيقي الأفق والنظر»، مبديا أسفه أن البعض يحتد ضد المرأة وهو عاطل وهي التي تنفق عليه، ما يعني أن القوامة المالية بيدها وربما المعنوية، مشيرا إلى أنه لا يمكن للمسرح أن يؤدي دوره التنويري الفاعل دون المرأة باعتبارها شريك حياة وعمل وثقافة وفن إلا أن الضوابط الشرعية تجب المحافظة عليها. من جهته أكد أستاذ الأدب والنقد المساعد في جامعة الباحة الدكتور سعيد الجعيدي أن السباعي رائد مبدع ذو فكر خلاق ورؤية تنويرية، ووصفه بالمجاهد في سبيل نشر آرائه الإصلاحية والتنويرية والمشعل الذي أنار جوانب كانت مظلمة في مجتمعه، ويرى أن تجربة السباعي المسرحية أجهضت برغم موافقة المسؤولين له بذلك مطلع الثمانينات الهجرية زمن الملك سعود رحمه الله، واشترى أرضا وأقام البناء وأمن ما يلزم من أجهزة وأنشأ مدرسة التحق بها 40 طالبا يتقاضون مكافآت شهرية 200 ريال لكل واحد منهم إضافة إلى رواتب مدرسين أحضرهم من مصر وعاملين وفنيين وتعاون معه محمد مليباري وعبدالله العباسي وعبدالله الداري وأعدوا مسرحية مستوحاة من التاريخ الإسلامي ومع قرب الافتتاح بعث بعض المعارضين للمسرح برقية للملك سعود تعترض فاقترح الملك سعود تأجيل الافتتاح حتى يعود من سفره. وتم تحديد موعد جديد للافتتاح وتأجل بسبب معارضين حتى زهد في المشروع. وأضاف الجعيدي كأن السباعي مازال بيننا وكأنما مشروعه مازال معلقا وما أشبه الليلة بالبارحة كما قال. فيما تمنى الشاعر خالد قماش لو أن رئيس مجلس إدارة أدبي مكة عندما علق على المداخل الذي حمد الله على موت السباعي واغتيال مسرحه لو أنه رد عليه وتحفظ على ما أبداه من تطاول غير مبرر كما وصفه.