مضت حادثة اقتحام الإيرانيين لمعبر «زرباطية» على الحدود العراقيةالإيرانية دون ضجيج إعلامي، ليفلت الملالي -كما العادة- من الإعلام العربي، لكن كواليس ما حدث من محاولات إيرانية لتغيير الديمغرافية العراقية على أساس طائفي تستحق المتابعة، سيما وأن كل المعلومات تشير إلى مخطط إيراني مدروس في المناطق الجنوبية العراقية من أجل تحويلها إلى كانتون طائفي. القصة بدأت في 9 ديسمبر (تشرين الثاني) الماضي، حاول حسين ذو الفقاري مساعد وزارة الداخلية الإيرانية في شؤون الأمن الحصول على موافقة العراق عبر السفارة في طهران وإرسال الزوار الإيرانيين دون تأشيرة دخول، إلا أن رئاسة الوزراء ووزير الخارجية العراقيين قد رفضا ذلك. هنا انتقلت طهران إلى الخطة الثانية، ونقلت القوات الخاصة لقوى الأمن الداخلي إلى الحدود مع العراق وانتشر جزء من عناصر فيلق القدس وميليشات الباسيج بحجة توفير الأمن، لكن الهدف التخطيط لإغراق العراقبالإيرانيين. تشير معلومات، حصلت عليها «عكاظ» من المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في باريس، إلى أنه في أواخر تشرين الأول في أحد الاجتماعات المنعقدة في لجنة الأربعين لوزارة الداخلية تمت مناقشة معارضة العراق لإلغاء التأشيرة خلال الأيام الأربعينية، وتم الاستنتاج أنه في هذه الحالة سيتقلص حجم حضور الزوار خلال الأربعين بشكل كبير مما يؤثر سلبا سياسيا واجتماعيا على النظام الإيراني. فتقرر أن توضع في جدول الأعمال خطط تعدها مراكز الحدود في كل من محافظتي خوزستان وايلام بالتعاون مع فيلق القدس والباسيج لتسلل الزوار إلى العراق دون «الفيزا» في حال عدم نجاح الجهاز الدبلوماسي الإيراني في كسب موافقة الحكومة العراقية لإلغاء تأشيرات الدخول. وفي ذات الوقت تم إبلاغ السفير الإيراني حسن دانايي بالخطة من أجل التنسيق مع بعض الموالين العراقيينلإيران. حين بدأت طهران بتنفيذ خطة التغيير الديمغرافي على الطريقة الطائفية، بينت التقارير الاستخباراتية الإيرانية أن عدد الزائرين عبر المنافذ الحدودية في شلامجة وجزابه ومهران يصل إلى نصف مليون زائر. وهذا ما دفع النظام الإيراني إلى رفع عدد الزوار بحشد الأفغان والباكستانيين الشيعة وكان تقرير المنافذ الحدودية يشمل أيضا عدد الزوار الخارجين عن الحدود الإيرانية إلى العراق، الزوار الأفغان والباكستانيين أيضا. المخطط الإيراني لعملية «الزرباطية» كان مدبرا ومخططا، ففي 27 نوفمبر (تشرين الثاني) أعلن قائد الوحدات الخاصة لقوى الأمن الداخلي حسن كرمي إرسال قوات خاصة إلى الحدود العراقية. تحت غطاء زيادة الأخطار الأمنية خارج الحدود. وقال كرمي في مقابلة أجرتها معه وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية «في الوقت الحاضر الوحدات الخاصة التابعة لقوى الأمن ونظرا إلى وجود أخطار أمنية خارج الحدود الإيرانية قد أرسلت وحدات خاصة إلى الحدود وأن هذه الوحدات استقرت في مواقع خاصة لرصد الموقع والتعامل مع الأخطار المحتملة». ولم يكشف عن مواقع «نقاط خاصة» ولكنه كان من المقرر أن تستقر هذه القوات في منفذ زرباطية. ووفق معلومات حصلت عليها «عكاظ» فإن خطة النظام الإيراني كانت أن تقوم الوحدات الخاصة وتحت غطاء مساعدة الزوار في نقل حمولاتهم بالتقرب إلى منفذ زرباطية واختلاق الفوضى والتدافع والعبث بالحواجز بتحريض الزوار على التسلل في الأراضي العراقية. أما القوات الإيرانية تنكرت بالزي المدني، بإشراف نائب القائد العام لقوات الحرس الثوري حسين سلامي. وانتهى المخطط الإيراني في 30 نوفمبر حين وقعت الفوضى على منفذ الزرباطية وتدفق مئات الآلاف من الإيرانيين بوجود القوات الخاصة وقوات التعبئة، الذين بثوا الفوضى على الحدود واعتدوا على بعض أفراد حرس الحدود العراقية ممن منعوا دخول الزوار الإيرانيين بالضرب. على الجانب العراقي، كشفت مصادر وزارة الداخلية العراقية أن نحو 3 ملايين إيراني دخلوا الأراضي العراقية في غضون 10 أيام، لافتة إلى أن نصف مليون إيراني دخلوا بطرق شرعية فيما اقتحم الباقي الحدود عنوة بمساعدة حرس الحدود الإيراني. وقال مسؤول التأشيرات في وزارة الداخلية العراقية بدر عبدالجبار ل «عكاظ» إن الاتفاق المبرم بين وزارة خارجية بلاده ونظيرتها الإيرانية نص على منح بغداد نصف مليون تأشيرة تسمح للإيرانيين بالمشاركة في أربعينية الحسين وأن وزارته استعدت لاستقبال العدد المتفق عليه. وأضاف إن الجانب الإيراني ضمن دخول نصف مليون من مواطنيه الحاملين لتأشيرات عبر معبر زرباطية، غير أن حرس الحدود العراقي فوجئ في اليوم التالي بدفع إيران لمليون ونصف مليون اقتحموا المعبر ودخلوا العراق بمساعدة حرس الحدود الإيراني، وفي اليوم الثالث دفع أيضا بمليون إيراني حطموا المعبر مجددا ودخلوا الأراضي العراقية ليرتفع عدد الإيرانيين الذين دخولوا العراق بدون تأشيرة أو أي وثائق إلى مليونين ونصف المليون أضيفوا إلى النصف مليون الذين دخلوا بطرق شرعية. وكشفت وثائق اطلعت «عكاظ» على مضمونها أن هادي العامري رئيس منظمة بدر قائد الحشد الشعبي هو من نسق دخول هذا العدد من الإيرانيين مع طهران، فيما تحدثت وثائق أن عملية تجنيس لهؤلاء ستتم بالاتفاق بين رئيس الوزراء العراقي والعامري الذي بحث هذا الأمر مع حيدر العبادي في اجتماع مغلق عقد بين الرجلين قبل عملية اقتحام معبر زرباطية بثلاثة أيام. وتهدف خطوة إيران وفقا لمخطط العامري إلى توزيع الإيرانيين على مناطق محافظة ديالي وتجنيسهم بالجنسية العراقية لإخلال العامل الديمغرافي للمحافظة لتصبح الأغلبية من الطائفة الشيعية في إطار الصراع لمنع إعطاء السنة أي حقوق جغرافية.