يدرك قادة دول مجلس التعاون الخليجي أن شعوبهم تتطلع إلى منظومة تعاون خليجية سياسية واقتصادية جادة وفاعلة في مواجهة التحديات والتهديدات التي تعصف بالمنطقة ! لم تعد المرحلة تحتمل المجاملات والشعارات والبيانات الإنشائية والاجتماعات التي تنتهي إلى أفكار وتوصيات وقرارات لا تتحرر من قيود الورق لتكون واقعا يحقق آمال وطموحات وتطلعات دول الخليج العربية، خاصة بعد أن برهن القادة الخليجيون في أحداث اليمن على قدرتهم في تبني رؤية موحدة ومواقف مشتركة عندما تكون مصالحهم المشتركة على المحك ! كان اليمن اختبارا نجح فيه الخليجيون في التصدي لمشروع استهدفهم، وبرهنوا فيه على وعيهم بحجم التحديات وأهمية توحيد الجهود والأهداف والمواقف وتنسيق الخطوات للتصدي للأخطار التي تحيق بهم والمؤامرات التي تستهدفهم، وكانت عاصفة الحزم مؤشرا على ما يمكن أن تحققه المنظومة الخليجية من تعاون لمواجهة تحديات أكبر في العراق وسوريا واتخاذ مواقف أكثر تنسيقا تجاه السياسة العدوانية الإيرانية ! قمة الرياض ليست قمة عادية، فهي قمة مواجهة الحقيقة وتحمل المسؤوليات دون مواربة أو تردد أو تسويف، تشكل انعطافة هامة في تاريخ هذا المجلس الذي بدا في سنوات سابقة أقرب إلى منظومة عاجزة عن السير بنفس «رتم» تطلعات المواطنين الخليجيين، فما يجمع بين شعوب الخليج من عوامل مشتركة ثقافيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا يجعل أي تباطؤ في وتيرة عمل المجلس وتحقيق أهدافه غير مبرر ! ويدرك قادة الخليج أن النيران المشتعلة في كل زوايا الشرق الأوسط لن تستثني أيا من دول الخليج لو امتدت، ولهذا فإن المزيد من تنسيق المواقف وتوحيد الرؤى لم يعد خيارا، بل هو طوق النجاة الوحيد الذي ينتشل الخليج من لجة هذا البحر المتلاطم!