رصدت كثير من الدراسات الآثار السلبية للثقافة الترفيهية السائدة عالميا التي جعلت من العنف الفج نوعا من الترفيه حتى بالنسبة للأطفال، فحتى ألعاب الفيديو المخصصة للأطفال والمراهقين غالبها الفوز فيها يكون بقتل أكبر عدد من الناس والقيام بجرائم كسرقة السيارات والتسلي بمطاردات وصدم سيارات الشرطة، وأهم ما توصلت إليه تلك الدراسات أن هذه الثقافة الترفيهية السلبية أدت لكارثتين وهما؛ تشجيع الصغار على العنف ومن ذلك جرائم قتل الأطفال والمراهقين لزملائهم وأساتذتهم في المدارس بأمريكا وغيرها ولاحظ الباحثون بأن الطلاب الذين استعملوا مسدسا لأول مرة في حياتهم في تلك الجرائم كان تصويبهم يماثل تصويب المحترفين لأنهم تدربوا لساعات يوميا على التصويب بالمسدسات الافتراضية بألعاب الفيديو، والأثر الآخر لثقافة الترفيه بالعنف هو؛ ان المناظر الفظيعة كمناظر ضحايا حوادث السيارات بات ينظر إليها كنوع من الترفيه وما عادت هناك رهبة من مناظر الإصابات المريعة التي تنتج عن حوادث السيارات، بل أنه بات معتادا لدينا عند وقوع حادث أن يتكالب الشباب كالذباب حول الضحايا الذين عجنت أجسادهم بالمعدن لكي يلتقطوا لهم مقاطع ثم يقوموا بنشرها عبر حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي بما في ذلك صور النساء اللاتي تعرضن لإصابات بليغة وتكشفت حرمتهن، فليس لدى هؤلاء غيرة النخوة لحفظ حرماتهن، وليتصور أحد من هؤلاء أن أمه أو اخته أو زوجته أو والده أو هو نفسه تعرض لحادث وصوره الآخرون في تلك الحال الفظيعة الصادمة لكي يصبح مادة للترفيه بالتقزز والرعب، روى أبو داود وابن حبان: (من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما ينظر في النار) أي سيعاقب على نظرته بعذاب نار جهنم في الآخرة، وهذا فقط لنظره في كتاب أخيه بغير إذنه فكيف بمن ينظر إلى شخصه وهو في ذلك الحال الصادم الذي تتكشف فيه الحرمات وتتشوه فيه الهيئات؟ وأخوه يصرخ ويترجاه أن لا يصوره وهو مقطع الأطراف وفي ذروة الفجيعة وأهله ممزقون حوله! حتى صار أول هم للإنسان عند وقوع حادث هو طرد ذباب الحوادث الذين يتداعون كسرب من الذباب على الضحايا لكي ينتهكوا حرماتهم بالتصوير، وفوق هذا الضرر المعنوي البالغ هناك ضرر مادي حيث مرارا وتكرارا حذرت الجهات المختصة من التجمهر حول الحوادث لأن هذا يعطل جهود إسعاف الضحايا حيث الدقيقة يمكن أن تشكل فارقا بين الحياة والموت بالنسبة للضحايا، ولهذا يجب فرض عقوبات رادعة على من يصور ويتداول صور ضحايا الحوادث. [email protected]