في ظل تواجد وسائل التواصل الاجتماعي أصبح الهمس في أذن صديقك همسا مشاعا، وأي خبر يعاد قصه ولصقه مع البث المتكرر يعود الخبر ذاته (أو مع زوائد) إلى أول باث. وخلال الأسبوع المنصرم طافت رسالة في ربوع المملكة محملة وزارة العمل مغبة اتفاقية حدثت مع دولة إفريقية لاستقدام عمالة منزلية لداخل البلد خلال الشهر القادم. وكانت الرسالة تنذر بعواقب وخيمة سوف تحل بالبنية الاجتماعية في جانبها الصحي والحياتي، وحملت قدرا من المخاوف إذ إن تلك الدولة الافريقية سقط منها أعداد كبيرة فريسة لمرض الايدز وأعيت المنظمة الصحية لهيئة الأمم من القضاء على فيروس إيبولا القاتل، وأضاف المتحمسون لرفض اتفاقية استقدام العمالة إن سكان تلك الدولة هم من آكلي لحوم البشر، وتندر البعض بأننا لم نسلم من قطع رؤوس الأطفال حتى بادرت وزارة العمل بجلب أناس لن يبقوا جزءا للدفن. ذاكرين أن حذر التجوال ليلا في تلك البلاد جاء خشية من أن يقع المتجولون في فخ آكلي لحوم البشر، ولأننا مررنا بتجارب عديدة كأن تقوم الدولة المصدرة للعمالة بإرسال المجرمين تخلصا منهم وللاستفادة من تحويلهم مدخراتهم بالعملة الصعبة.. وهناك أثر نفسي يضاف إلى الآثار السلبية من تواجد العمالة، هو دخول نمط اجتماعي جديد إلى نفسية الأطفال حين يتعاملون مع كل عمالة داخل البلد.. وهذه الآثار النفسية لم أجد جامعة من جامعاتنا العديدة تقوم بدراسة الآثار الاجتماعية والنفسية على أطفالنا ومراسلة الجهات المعنية بنتائج تلك الدراسة... ومع تعدد الأنماط المعيشية والبيئات المختلفة للعمالة المنزلية لم تذكر دراسة جامعية واحدة أثر ذلك على مسيرتنا الاجتماعية أيضا. في ظل انتشار هذه المخاوف لم تبادر وزارة العمل لتهدئة المواطنين من الجزع القادم، ولأن اتفاقية جلب العمالة يخص الطالبين لتلك الخدمة كان من الضروري أن تلتزم الوزارة بتحديد أسماء البلدان التي أظهرت استعدادا لتقديم العمالة ومن ثم إعلان أسمائها والتصويت على القبول والرفض من خلال موقع الوزارة.. ولأن طالبي الخدمة رافضون لهذه الدولة (أو دول من افريقيا) فكان لزاما على وزارة العمل التقيد بتلك الرغبات. ومشكلة وزارة العمل محاولتها التخلص من المهمة الملقاة على عاتقها بتوفير العمالة لكنها تنسى بأن هذا الدور قد يوقع المواطنين في ورطة وأيضا تورط الدولة في متابعة الجرائم المتنوعة التي تفرزها نوعية تلك العمالة المتردية.