في الزمن الداعشي لم يعد أمامنا إلا متابعة الدمار للإرث الإنساني وإظهار الفجيعة للتطاول على حضارات أوغلت في القدم عابرة آلاف السنوات إلا أن العقلية المغلقة استطاعت أن تحطم التاريخ والجغرافيا. هذا الزمن الداعشي قفز من الماضي من أجل إعاقة جريان الحياة، كانت قفزته بواسطة مظلة صنعت من حبال ثقافة مغلوطة واهنة والمشكلة أن البعض لا زال يجد في داعش أنها أفضل قوة يمكن لها أن ترد على الجبروت الغربي في تعامله مع القضايا الإسلامية ويتسق هذا الفهم مع المخزون الثقافي المؤكسد الذي ظل لمئات السنين في أجواء لم تلقح أو لم يتلق تهوية صحية، لذلك كانت قفزة داعش قفزة ضالة مضللة.. وكما أنتج التاريخ فاشستيا سياسيا فإن داعش أصبحت فاشستية دينية.. وعندما وقف العالم ضد هذه الفاشستية السياسية ها هم زعماء العالم يقفون ضد الفاشستية من خلال وصفهم للضربات على باريس بأنها «إهانة غير مقبولة» للبشرية جمعاء. وقد أكدت جميع دول المجموعة ال 20 على التضامن والعزم في مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله. ولأننا في الزمن الداعشي لم يعد الكثيرون يحفلون بمتابعة الفنون والآداب فقد بلغ الإنسان إلى ذروة التشبع بالعنف الفردي والجماعي وفي مثل هذا الزمن تنهار القيم وتصبح المشاعر غير قادرة على استيعاب ما يحدث وغير متزنة حيال الأشياء فعندما تكون إراقة الدم أكثر جذبا من أغنية يصدح بها فنان أو كتاب تخرجه المطبعة يكون العالم فقد البوصلة الحقيقية للتواجد الإنساني.. ولأنه زمن الفاصلة التاريخية فقد أخذت قواه السالبة على جذب الأشياء نحوها. وكانت جائزة نوبل للآداب لهذا العام مسلوبة من الجو الإرهابي العالمي وقد تجسد هذا الاستلاب بمنح الكاتبة والصحفية البيلاروسية سيفتلانا ألكسيفيتش وحينما وصفت رئيسة الأكاديمة السويدية، سارا دانيوس، كتابات سيفتلانا ألكسيفيتش بأنها تمثل «لحظة شجاعة ومعاناة في زماننا». وكانت الفائزة تمثل أول صحفية تفوز بجائزة نوبل. ولأن الصحافة رداء هذا العصر بكل ويلاته المضاف إليه الإرهاب ضد كل شيء.. ضد الأفراد والدول والحضارة الإنسانية وضد الحياة برمتها وفي مقدمتها الفنون والآداب.. لهذا اتسعت جائزة نوبل لتقدم الصحافة كشاهد إثبات أسرع توثيقا وإظهارا لدموية الحياة، ولأن الصحافة المرآة التي لا تنتظر زمنا طويلا لاطلاعك على الحقيقة لهذا غدت الصحافة فنا روائيا استطاع مزاوجة الكلمة والصورة لتقديم عمل فني يوثق الراهن وبمصداقية عالية.. وأعتقد أن هذا الزمن الدموي يجب مقاومته بكل أشكال الفنون، فالإنسان حينما يفتقد جماليات الحياة يكون أكثر شراسة وأقرب إلى الوحشية. وعلينا جميعا العمل على توليد الطاقة الإيجابية وحقن هذا الزمن المتسرطن، وطاقاتنا الإيجابية متعددة بدءا من الحب والشعر والسينما والمسرح والغناء والرسم والنحت و..و..و..كل دولة لها قواها الناعمة فيجب تحريك هذه القوى لمجابهة خفافيش الظلام.