على الرغم من الدور الذي ينهض به قطاع النقل كشريان حيوي لربط مناطق المملكة مترامية الأطراف بعضها ببعض، إلا أنه يواجه تحديات كبيرة في الوقت الراهن أدت إلى خروج نسبة لاتقل عن 10 % من المستثمرين فيه، ولعل في صدارة هذه التحديات نسبة السعودة المرتفعة. فيما لايفضل الكثير من السعوديين العمل به لظروف التنقل بين المدن ربما لأيام طويلة، فضلا عن الإشكاليات المتعلقة بالتراخيص، وآلية الإبلاغ عن السيارات مما يفاقم من الجهود والخسائر لإعادة السيارات التي يتأخر المستأجرون عن إعادتها، لكن الإشكالية الأهم التي تعصف بالقطاع حاليا تكمن في ارتفاع أسعار التأمين بنسبة 400 % بدعاوى مختلفة، وهو الأمر الذي يثير تحديا كبيرا في ظل زيادة النفقات التشغيلية للقطاع. مما يؤثر على جدوى المشاريع من الأساس، ويدفع المستثمرين إلى البحث عن مجالات أخرى أكثر ربحية، وحسما للجدل المستمر في هذا الجانب في الآونة الأخيرة وصعوبة التوصل لأرضية مشتركة يمكن البناء عليها، فقد بات من الضروري إنشاء هيئة مستقلة لشؤون التأمين بعد أن ارتفع حجم الأقساط المكتتب بها في القطاع إلى أكثر من 30 مليار ريال، أكثر من 25 % في قطاع المركبات، ولاشك أن هذا الرقم أقل بكثير من حجم النشاط الاقتصادي والناتج المحلي الإجمالي الذي يصل إلى قرابة 3 ترليونات ريال. إن الهيئة المقترحة سيكون مناط بها التصدي للكثير من التحديات التي تفقد القطاع حيويته المطلوبة بما يسهم في زيادة حجمه، ومن أبرزها التصدي للتأمين الطبي الوهمي، ورفض الشركات التأمين الشامل لشركات تأجير السيارات والاكتفاء بالتأمين لطرف ثالث فقط، وفي اعتقادي أن قطاع التأمين سيكون أكثر قوة وشمولية واتساعا في المرحلة المقبلة لو روعيت فيه الدراسات الاكتوارية بدقة، ومصالح كافة الأطراف، وألا تتعامل الشركات بانتقائية مع المنتجات التأمينية المختلفة للمحافظة على ربحيتها فقط، على حساب العملاء. وتبقى الآمال معلقة على هذه الهيئة في زيادة عمق القطاع والحد من الخسائر فيه لوضعه على الطريق الصحيح.