اعتبر خبراء ومختصون في قطاع التأمين، أن شركات التأمين في السعودية ما زالت في بداية الطريق، وأن بعضها يتعرض لخسائر كبيرة، خصوصاً الصغيرة منها، إذ إن حصصها في السوق ما زالت متدنية، مشيرين إلى أن تأخر مؤسسة النقد في الموافقة على المنتجات التأمينية يعرض الشركات لخسائر. ورأى هؤلاء في حديثهم ل«الحياة» أن نسبة الخسائر التي تلحق بالشركات بسبب التأمين الطبي أقل من الخسائر الذي تتكبدها من التأمين على المركبات، خصوصاً ان السعودية تسجل ارتفاعاً كبيراً في نسبة الحوادث، وقد تتعرض بعض الشركات خصوصاً الصغيرة منها إلى الإفلاس بسبب التعويضات الكبيرة التي تدفعها. ولم يحدد الخبراء أرقاماً محددة بشأن التعويضات التي تتكبدها الشركات بسبب حوادث السيارات. وأوضح الرئيس التنفيذي الأسبق للمجموعة المتحدة للتأمين التعاوني (أسيج) الدكتور عمر زهير حافظ، أن «التأمين على الإنسان يأخذ معنى الادخار طويل المدى عن طريق استقطاع مبلغ معين من المال حتى يتم تجميعه على مرور السنين، خلافاً للتأمين على المركبات التي يتم تجميعها في فترة قصيرة، ويعتمد التقدير على مستوى الحوادث، فكلما زادت الحوادث ارتفعت التعويضات التي تدفعها شركات التأمين، لذلك يعد تأمين المركبات أغلى من التأمين على حياة الإنسان أو ما يسمى بتأمين الحماية والادخار، كونه يتمثل في فترة طويلة وبقسط صغير، إذ يعتمد على دراسة إحصائية حول نسبة الوفاة تاريخياً في المجتمع». وأشار إلى أن الآليات التي تتبعها شركات التأمين على أنظمة المركبات والإنسان تتلخص في عاملين رئيسيين، هما الدراسات الاكتوارية التي تتمثل في الدراسات الإحصائية التحليلية للتعويضات التي يمكن أن تتعرض لها شركات التأمين، إذ تعد هذه الدراسة آلية مهمة لتقويم الأسعار، مشيراً إلى أن العامل الثاني فهو يختص بدرس أوضاع ومستويات السوق الحالية، والتي تحكم عمل شركات التأمين في وضع التقدير المناسب. وأضاف حافظ: «شركات التأمين في السعودية ما زالت في بداية عملها ومن الصعب الحكم عليها حتى الآن»، وعزا أسباب خسارة بعض الشركات إلى تأخر حصولها على موافقات من مؤسسات النقد العربي السعودي على المنتجات التأمينية، ما يعني ان الشركات تنفق على كوادرها الإدارية ومصاريفها العمومية قبل أن تبدأ في تشغيلها الفعلي لمنتجاتها التأمينية. واتفق معه مدير علاقات المرافق الطبية بشركة سند شاكر السعيد، ورأى أن احتمالية وقوع الضرر بالمركبات أكبر بكثير من احتمالية وفاة الشخص، ما يجعل التأمين على المركبة أغلى من التأمين على الإنسان. واعتبر السعيد أن «أنظمة شركات التأمين في السعودية من أفضل الأنظمة على مستوى العالم»، مستشهداً بالوثيقة الإلزامية التي تطبق بالسعودية والتي تسمى «وثيقة مجلس الضمان الصحي»، إذ تختلف عن الوثائق الأخرى في إمكان وصول تغطية تأمين الفرد إلى 250 ألف ريال، بينما كانت لا تتجاوز 100 ألف ريال سابقاً، كما أن الأمراض المزمنة في الوثائق القديمة لم تندرج تحت التغطية، بينما وثيقة المجلس تجبرهم على تغطيتها بخلاف الدول الأخرى. في حين رأى عضو جمعية الاقتصاد السعودي عبد الحميد العمري، أن «التأمين الطبي على حياة الإنسان لا يقارن بتأمين المركبات، وعلى رغم أن المبالغ التي تحصل عليها شركات التأمين تعد منخفضة، إلا أنه في المقابل يحصل الفرد على غطاء تأميني مرتفع جداً، أما المركبات فتقويمها في غاية السهولة، ويكون القسط المستقطع بناء على السعر»، مشيراً إلى أن شركات التأمين تفضل التأمين على الأشياء المادية أكثر من التأمين على البشر بسبب حجم الخسارة الذي تكبدتها شركات التأمين. ووصف العمري مستوى شركات التأمين في السعودية بأنه ما زال متدنياً، إذ إن «نسبة عمق السوق لم تتجاوز واحداً في المئة، بينما تبلغ تلك النسبة على مستوى العالم إلى 6 في المئة»، مشيراً إلى ان «قطاع التأمين يواجه صعوبات، وهو في بداية خطواته، وتوجد شريحة من المجتمع لا تقتنع بالتأمين، إضافة إلى اصطدام بعض خدمات التأمين ببعض النواحي الشرعية». وبشأن خسائر شركات التأمين، قال العمري: «أول مؤشر لخسارة شركات التأمين يتمثل في زيادة حجم المطالبات المادية عن دخل الاشتراكات، وأحياناً تتفاقم الأمور إلى حد الكوارث كما حدث في مدينة جدة، وبالتالي تتحول هوامش أرباح الشركات من هوامش ضعيفة إلى خسائر كبيرة». واعتبر ان «نسبة الخسائر التي تلتحق بالتأمين الطبي أقل من الخسائر الذي تتكبدها الشركات من التأمين على المركبات، إذ تشهد السعودية ارتفاعاً كبيراً في نسبة الحوادث، وبالتالي فان الشركات المتورطة في التعويضات في هذا الجانب قد تصل إلى حد الإفلاس»، مشيراً إلى أن أكثر شركات التأمين تهالكت رؤوس أموالها بسبب ارتفاع مصاريف التشغيل. من جهته، قال الكاتب الاقتصادي راشد الفوزان، إنه توجد مستويات لشركات التأمين في السعودية، فمنها ما هو على مستوى عال وتمتلك الكفاءة والخبرات، ومنها متوسطة المستوى وليس لديها الخبرات التي تمتلكها الشركات الكبيرة، كما توجد شركات صغيرة لم تأخذ حصة كبيرة في السوق. وأرجع الفوزان أسباب خسائر الشركات إلى عدم معرفة تقدير قيمة التأمين المناسبة لكل فرد، إذ إن أسلوب التقدير لقيمة الغطاء التأميني لكل موظف يجب أن يخضع لتدقيق عال جداً، ومع مرور الوقت ستكتسب الشركات الخبرات.