لم يكن الإرهابي الذي فجر نفسه بحزام ناسف بين المصلين في مسجد المشهد بنجران أول إرهابي خضع لبرنامج المناصحة وأطلق سراحه بعد أن اطمأن القائمون على البرنامج أنه قد عاد عن تبنيه للفكر المتطرف وانتمائه للجماعات الإرهابية، والخوف كل الخوف أن لا يكون هذا الإرهابي هو الأخير ممن ينتكسون إلى ما كانوا فيه بعد أن ينالوا ثقة من ناصحوهم ويتم إطلاق سراحهم بناء على ما يتظاهرون به من التوبة والتراجع عما هم فيه. ومن شأن ذلك أن يفرض مراجعة شاملة إن لم تكن لبرنامج المناصحة فعلى الأقل مراجعة لمفهوم توبة من تتم مناصحته والمعايير التي ينبغي اعتمادها من أجل إطلاق سراحه والتي ينبغي لها أن تكون دقيقة وحازمة وصارمة وقابلة للمتابعة من أجل حماية المجتمع من شرور أولئك الذين دارت حولهم الشبهات مما استوجب إخضاعهم لبرنامج المناصحة. الجرائم الإرهابية التي قام بها بعض ممن أطلق سراحهم بعد خضوعهم لبرنامج المناصحة تعني واحدا من عدة احتمالات، أولها إن تلك التوبة التي يظهرها من يخضعون للبرنامج ليست صادقة فهم يضمرون غير ما يعلنون ويكذبون كي يطلق سراحهم وينفذوا ما يريدون تنفيذه من جرائم، أو أن تلك التوبة هشة بحيث لا يلبث من أعلنوها أن يقعوا ثانية في براثن من يستدرجونهم لتنفيذ مخططاتهم الإرهابية، والاحتمال الثالث وهو يتمثل في أن أولئك الذين يقيمون تفكير المتطرفين ويتحققون من تراجعهم ويوصون بإطلاق سراحهم قد يكونون ليسوا حازمين بما يكفي في القيام بتلك المهمة ولذلك لا يلبث بعض من يوصون بإطلاق سراحهم أن يسارعوا للالتحاق بالجماعات الإرهابية في الخارج، أو أن يقوموا بتنفيذ ما توجههم تلك الجماعات بتنفيذه في الداخل من جرائم لم يكن ما وقع في مسجد المشهد بنجران أولها. وإذا كانت الأعمال الإرهابية التي يقوم بها من يطلق برنامج المناصحة سراحهم تستوجب مراجعة مؤهلات إطلاق السراح فإنها تستوجب في الوقت نفسه المتابعة الدقيقة لهم ومعرفة تحركاتهم ورصد اتصالاتهم من أجل حماية المجتمع منهم ودرء شرورهم عنه. [email protected]