أوضح الباحث والمتخصص في القضايا الاجتماعية خالد الدوس، أن الجريمة ظاهرة اجتماعية ونفسية واقتصادية وثقافية قبل أن تكون حالة قانونية وهو مفهوم قديم يعزى إلى نفس المجرم الشريرة، مشيرا إلى أن الانتقام هو الدافع والأساس في رد فعل السلوك الإجرامي الذي يحدث نتيجة لحالة الصراع بين الفرد والمجتمع وخلل وظيفي في التنشئة الاجتماعية والنفسية والعقلية والفكرية والقيمية، وهذا بالطبع يعد خروجا عن قواعد الضبط الاجتماعي والأخلاقي والديني وانتهاكا للمعايير الاجتماعية الأصيلة. ولعل التقرير الأمني الذي أصدرته وزارة الداخلية مؤخرا وتضمن أرقاما وإحصائيات ومعلومات عن مظاهر الجريمة، ومنها ارتفاع معدلات جريمة إطلاق النار في تبوك التي وصلت نسبتها 31.56 كأعلى نسبة في مناطق المملكة، لاشك أن لها عدة أسباب وعوامل قد تكون أسبابا نفسية وعوامل اجتماعية تلعب دورا محوريا في ارتكاب مثل هذه الممارسات الإجرامية والتجاوزات الخطيرة، كما أن الجريمة تتأصل في أي مجتمع عن طريق التقليد والمحاكاة، لذلك فإن لجماعة الرفق والأصدقاء بالذات عندما يكونون غير أسوياء دورا بارزا في نقل الممارسات الإجرامية وبضاعتها الفاسدة إلى وجدان الفرد السوي وترسبها في قاع الفكر، كما تلعب الظروف الأسرية دورا مؤثرا في اتساع دائرة الإجرام المظلمة، وللحد من الأعمال الإجرامية التي تخالف قواعد الشريعة الإسلامية وقيم المجتمع الأصيلة، ينبغي النهوض بقالب الوعي المجتمعي وتوضيح خطورة تلك الأعمال وتأثيرها على البناء الاجتماعي بتفعيل دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية، كالأسرة والمؤسسات التعليمية والمؤسسات الإعلامية والثقافية والتربوية والأمنية والدينية، حيث إذا تناغمت وانسجمت أدوارها البنائية والتنويرية ستساهم في توعية المجتمع وتحقيق الأمن الفكري والأخلاقي لأفراده. من جانبه، أكد الدكتور صالح العقيل أن الجهات الأكاديمية والاجتماعية والأمنية حريصة على تعزيز ثقافة الشعور بالمسؤولية والانتماء الوطني وعلاج كثير من الإشكالات الاجتماعية وخاصة المشاكل الإجرامية والانحرافية، مثل إطلاق النار وترويج المخدرات وغيرها من أنماط الجريمة، كما نحتاج لتكاتف جميع الأجهزة وقطاعات الدولة وقبل كل ذلك المواطن الذي يجب أن يكون لديه الوعي الكامل بما يترتب على ذلك من توابع، مما يؤثر على البناء الكلي للمجتمع. وأشار الدكتور عبدالرحمن السميري الباحث في علم الجريمة، إلى أنه وفق ما ورد من إحصائيات حول جرائم الاعتداء على النفس ومنها جرائم إطلاق النار، حيث بلغت أعلى مستوياتها في الرياض ويليها تبوك، فإن ذلك يعد مؤشرا خطيرا يستوجب دراسته بعمل بحث على تلك الفئة لمعرفة الأسباب والدوافع لارتكاب مثل هذه الجرائم، وكيفية الحصول على تلك الأدوات المستخدمة بإطلاق النار ومعالجة هذه الظاهرة. وقال: مما يتضح من الإحصائيات عن أنواع الجرائم ومعدلاتها والفئة العمرية التي ارتكبت تلك الأفعال، فمن المستحسن إيجاد مراكز أبحاث لدراسة الجريمة في كل منطقة تتولى دراسة اتجاهات الجريمة وأنواعها ومعدلاتها ومعرفة الأسباب والحلول المناسبة لعلاجها من خلال منظومة فريق عمل بحثي مختص بذلك تحت مظلة إمارة المنطقة والأجهزة الأمنية والجامعة، والتأكيد على تنفيذ التوصيات اللازمة ومتابعة ذلك، وأهمية تفعيل دور الأسرة من خلال التبليغ عن أي ملاحظات عبر وسائل التواصل المختلفة المتاحة، وحماية المبلغ وضمان سرية البلاغ وأن يتميز متلقي البلاغ بالصبر والحكمة في التعامل مع المعلومة، وتنمية الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية والأمنية لدى المواطنين وتحفيزهم على ممارسة مسؤوليتهم بأن حماية الوطن والمواطن واجب ديني ووطني ومسؤولية الجميع الحفاظ عليه.