لك الله أيها المتقاعد، فما أظنه بالغ من حلل كلمة متقاعد إلى جزءيها لتعبر خير تعبير عن حال المتقاعدين حين قال: (مت قاعد)، فمع الأسف أن هذا ما يقوله لسان المجتمع لكل متقاعد. كتب الأستاذ محمد الحساني قبل أيام يصف استياء رجل متقاعد احتاج أن يكفل ابنه ليخرجه من التوقيف، ففوجئ بأن النظام لا يقبل كفالة المتقاعد!! وهذه ليست الصفعة الوحيدة التي تهدى للمتقاعدين، المتقاعدون في كل يوم يتلقون صفعة مختلفة تشعرهم بأنهم طفيليات شاذة تشارك الناس حياتهم، وأن الأفضل لهم أن يعجلوا بالمغادرة! المتقاعد إن ذهب إلى البنك يطلب قرضا، صفع بأن لا إقراض للمتقاعدين، وإن ذهب يشتري سيارة بالتقسيط، صفع أن لا بيع بالتقسيط للمتقاعدين، وإن ذهب يستأجر سيارة، صفع أن لا تأجير للمتقاعدين، وإن ذهب يطلب عملا، صفع أنه لا أعمال مطروحة للمتقاعدين، صفعات تتالى على وجهه، وما له من ذنب سوى أنه متقاعد!! المتقاعد لا يشفع له أنه ليس عاطلا، وأن له دخلا شهريا ثابتا، سواء من مؤسسة التقاعد أو من مؤسسة التأمينات الاجتماعية، وأنه بذلك يكون في حكم الموظف ومن العدل أن يجري عليه ما يجري على الموظفين من أحكام، المتقاعد لا شيء يشفع له، لأنه ارتكب ذنبا لا يغتفر، بلغ الستين أو تجاوزها، وهذا يعني أن (زمن صلاحيته انتهى) وأن (عمره الافتراضي استهلك) فلا أحد يرغب في الارتباط به لذلك السبب، وعليه أن يحتمل عاقبة تلك الجريرة. جمعية المتقاعدين تطالب المجتمع بتقديم خدمات خاصة للمتقاعدين من باب إكرام الشيخوخة والتعاطف مع ضعفها، كمنح المتقاعدين تخفيضات في رسوم الخدمات العامة ومنحهم الأولوية في تقديم الخدمة وما شابه ذلك. لكنها أغفلت المطالبة بما هو أهم، وهو أن ينال المتقاعد حقه في أن يعامل كغيره بلا تفرقة وتمييز ضده لمجرد بلوغه الستين، فهو مواطن له من الحقوق مثلما لغيره وليس من الحق في شيء أن يحرم من الخدمات والتسهيلات بتهمة بلوغه عالم الشيخوخة!! من واجب جمعية المتقاعدين أن تستعين بجمعية حقوق الإنسان لحصر كل المؤسسات والجهات الرسمية وغير الرسمية، التي توجد فيها أنظمة تمييزية ضد المتقاعدين بسبب سنهم، فترفع ضدها قضايا بتهمة الإساءة والتمييز بين المواطنين.