حسنا، نعرف السمعة غير الجيدة لمفردة «لجنة»، ونعرف كيف يشعر الناس عندما يسمعون عن تشكيل لجنة بخصوص أي قضية. كل ذلك مفهوم لأن تجارب كثيرة أنتجت هذا الشعور السلبي الذي برز عندما تم تكوين لجنة لبحث ملابسات سقوط الرافعة في الحرم المكي. كذلك نتفهم جيدا تشكيك البعض في دقة المعلومات التي يبثها المسؤولون عند أي حادثة كمحاولة لحفظ سمعة الجهة المعنية بها، وهو تصرف خاطئ وغير مقبول ولا يمثل الأمانة المطلوبة مع المجتمع. كل ذلك معروف ومفهوم، ولكن هل يمكن لأحد أن يتوقع حدوث مثل هذه التصرفات والممارسات مع حادثة سقوط الرافعة. أولا الحادثة لا تخص جهة بعينها وإنما تخص المملكة العربية السعودية كلها، بكل أجهزتها ومؤسساتها ومسؤوليها. ثانيا وهو الأهم أن ملك البلاد يلقب بخادم الحرمين الشريفين وبالتالي فهو المعني الأساسي بالقضية، وبعد ذلك فإن الحرمين الشريفين لا يخصان مواطني المملكة بل كل المسلمين في العالم، فهل من المنطق أن يذهب أحد للتشكيك في جدية التعامل مع حادثة مأساوية وقعت في حرم الله وذهب ضحيتها المئات؟. للأسف خاض البعض في ذلك وخلطوا الأمور بشكل غير مسؤول دون مراعاة للظرف وحساسيته، ولمشاعر الملايين من المسلمين في كل مكان. بعد الحادثة ذهب خادم الحرمين الشريفين لتفقد مكان الحادثة ووقف على كل تفاصيلها يرافقه كل أركان الدولة، ثم زار المصابين في كل المستشفيات التي يتلقون العلاج فيها. وعندما تحدث لوسائل الإعلام كان حديثه واضحا وحاسما، أنه لا مكان أهم في الدنيا من الحرمين الشريفين، وأن الحقائق ستعلن للجميع، وبالتأكيد ذلك يعني أن أي مقصر لن يفلت من العقاب الشديد. تشكلت اللجنة بعد الحادثة مباشرة من كل المسؤولين المعنيين، ولم تمض أكثر من 48 ساعة إلا وتقريرها أمام سمو أمير المنطقة الذي رفعه لسمو ولي العهد تمهيدا لرفعه إلى مقام خادم الحرمين الشريفين، والذين لا يعرفون تأريخ سلمان بن عبدالعزيز في الحزم والحسم نقول لهم اسألوا لتعرفوا أنه لا يتهاون في التقصير حيال أبسط الأمور فكيف بالتقصير في بيت الله الحرام الذي يتشرف بأن يكون خادما له. تأكدوا أن هذه اللجنة غير كل اللجان وأن القرار في هذه الحادثة سيكون غير كل القرارات، عندما تثبت المسؤولية في الحادثة.