على مدى الإجازة الصيفية التي قاربت أربعة أشهر لاحديث إلا عن الإجازة التي سوف تعقبها أو تتلوها أو تضاف إليها كملحق، الكل يبحث عن راحة فوق راحة العمل الحالية. في أول أيام الدراسة (الأحد) أورد الاستاذ فهد الأحمدي في صحيفة «الرياض» أرقاما محزنة جدا ومدمية للقلب حول فترات الدراسة الحقيقية التي يقضيها الطالب في مدارسنا مقارنة بالنظم التعليمية المختلفة حول العالم والتي لاتتجاوز عندنا 154 يوما مقابل 243 يوما في اليابان و241 في الصين وهكذا .. وإن أيام الدراسة تتقلص عمليا إلى 126 يوما بسبب الغيابات قبل الاختبارات وبعد الإجازات وحسب الظروف الجوية التي دخلت أخيرا على الخط وبقوة .. وهو ما يعني أن تعليما يظل معطلا ثلثي السنة بصرف النظر عن المحتوى التربوي في الثلث الباقي. لا أعرف ماهي الجهات التي تقرر أيام الدراسة نيابة عن المجتمع وعدد الساعات المدرسية وماهي مرجعياتها التعليمية وماذا تهدف من وراء تقليلها إلى هذه الدرجة ومن يخدم مثل هذا الإجراء ؟. ولأن 43% من موظفي الدولة هم منسوبو التعليم ولأن ثلثي وقتهم بلا عمل حقيقي ولأن 50 من موارد البلاد تصرف أساسا كرواتب فعليك أن تتخيل حجم الهدر المالي من وراء ذلك وثمنه الفعلي خلاف التعليمي على البلاد.. لا أحد يستطيع أن يقول إنه ينقصنا عدد مدارس أو عدد مدرسين ومدرسات، كما لا تنقصنا الاعتمادات المالية، في الوقت نفسه لا يمكن لأحد أن يدعي بأن لدينا نقصا معرفيا بالنظم التربوية الملائمة وأساليب الدراسة المعتمدة في كل الدول الأفقر والأغنى، كما لا ينقصنا معرفة بواقع كل من الطالب تربويا وتعليميا وذلك من خلال نتائج «قياس» بمعنى أن كل شيء موجود وكل شيء معروف أيضا. وطالما كل هذه الحقائق موجودة ومعروفة وحيث إن عناصر العملية التعليمية تفيض في مجملها عن مجموع تطوير أي عملية تعليمية أخرى وتتفوق في مجموعها العددي ووزنها النسبي عن عناصر أي دولة حققت تقدما معلوما في التعليم.. فما الذي يمنع من تطوير التعليم على أرض الواقع ؟. كلنا نعرف وندرك حرص «معالي الوزير» ، وكلنا يعرف مدى اهتمام «مدير التعليم» وكلنا مطلع على كفاءة وحسن اختيار مدير المدرسة وكلنا يعلم بحداثة النظم التربوية المطبقة وأن المدرس يتفطر قلبه على واقع التعليم وأن ولي الأمر يتحسر على أيامه الخوالي.. قطعا ثمة حلقة مفقودة نبحث عنها منذ أربعة الخمسة عقود ولم نعثر عليها إلى الآن بعد أن ضاعت فجأة من بين أيدينا، فهل هي خفية إلى هذه الدرجة أم أن مكانها محرج وغير قابل للنقاش !!.