على الرغم من الخطط التي أعلنت عنها وزارة العمل من أجل توطين الوظائف، إلا أن أزمة التوظيف مازالت تتفاقم في ظل زيادة اعداد الخريجين سنويا وإصرار القطاع الخاص على التهرب من السعودة والتركيز على الوظائف الهامشية فقط. وبينما تؤكد الوزارة نجاحها في توظيف 700 ألف سعودي خلال 3 سنوات، يرى البعض أن ما نسبته 40% من هذه الأعداد قد تسرب من القطاع وفقا لإحصاءات التأمينات الاجتماعية، وفي ظل تراوح أعداد العاطلين بين 600 ألف وفقا لأكثر الإحصاءات اعتدالا، وقرابة 1.5 مليون وفقا لأعداد المتقدمين لحافز وبرنامج جدارة عبر الخدمة المدنية، يرى الخبراء ضرورة إطلاق حملة بعنوان «توظيف سعودي واحد في كل مؤسسة أو شركة بالقطاع الخاص»، مشيرين إلى أن ذلك يمثل حلا سحريا للأزمة في ظل ارتفاع عدد السجلات التجارية إلى قرابة المليون سجل تجاري. يقول الاقتصادي الدكتور محمد أبو الجدايل إن قضية السعودة تتفاقم بصورة سنوية لعدم الوصول إلى حل جذرى بالنسبة لها، يتمثل في ضرورة أن يكون الشاب السعودي مصدر جذب للقطاع الخاص، مشيرا إلى أن المحاولات الجارية لإلزام القطاع الخاص بتوظيفه دون اقتناع يؤدي إلى خسائر كبيرة بالنسبة للقطاع، وارتفاع في الأسعار من جهة أخرى بدعوى زيادة التكاليف. وأرجع ذلك إلى ضعف مخرجات التعليم بمختلف المراحل والتركيز على التخصصات النظرية وضعف الاهتمام في غالبية سنوات الدراسة باللغة الإنجليزية والحاسب الآلي، واستغرب موقف وزارة التعليم من هاتين المادتين على الرغم من أهميتهما البالغة بالنسبة لسوق العمل. وأشار إلى أن سوق العمل يستقبل أكثر من 250 ألف خريج سنويا، لا يجد سوى 20% منهم طريقهم إلى وظائف ثابتة في القطاع الخاص، والبقية يظلون في معاناة مستمرة وقد يقبلون بأي وظيفة تحت ضغوط الحاجة المادية. ورأى أن إطلاق حملة حقيقية لتشجيع كل مؤسسة سعودية بتوظيف سعودي واحد في القطاع الخاص، قد يثمر عن توظيف مليون خريج دفعة واحدة، وهو الأمر الذي يقود إلى انفراجة سريعة في الأزمة. من جهته استغرب الاقتصادي سامي عكوز موقف القطاع الخاص من توطين الوظائف، مؤكدا أنه لم يتغير على مدار أكثر من 20 عاما، وأرجع ذلك إلى عدم قناعته بالخريج السعودي مهما كان مؤهلا، ربما خوفا من الإشكاليات التى يثيرها بعد التعيين وتتعلق بالمميزات وساعات الدوام والراتب المرتفع، مقارنة بالعامل الوافد الذي يرضى بساعات عمل طويلة وبراتب نصف السعودي تقريبا. وأشار إلى أن برنامج نطاقات، ساهم في زيادة السعودة الوهمية حتى تحصل الشركات على تأشيرات لاستقدام العمالة الوافدة، داعيا إلى إعادة النظر في البرنامج بما يتفق مع متغيرات سوق العمل، واستنادا الى تقارير التأمينات الاجتماعية التى تشير الى تسرب اعداد كبيرة من القطاع الخاص بعد التوظيف بوقت قليل. وتساءل الاقتصادي خالد باسهم عن نتائج برنامج حافز، الذي كان من المفترض أن يسهم في توفير الوظائف لأعداد كبيرة من الخريجين بجانب الدعم المالي المقدم لهم والمقدر ب2000 ريال لمدة عام كامل لمساعدتهم على الحصول على الوظيفة المناسبة.