أكد ل«عكاظ» اقتصاديون أن القطاع الخاص يستطيع توفير 250 ألف وظيفة خلال ستة أشهر فقط، لو التزم الجدية والتفاعل مع الأمر الملكي الكريم بدعم السعودة فيه. وأوضحوا أنه يمكن توظيف هذه الأعداد في قطاع التجزئة برواتب تتراوح بين 2500 إلى 3000 ريال، وكذلك الوظائف الإدارية والمكتبية، التي يعمل فيها آلاف الوافدين في القطاع الخاص. وحذروا من تحول إعانة العاطلين التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين بواقع 2000 ريال شهريا إلى هدف بحد ذاته، بعد تقديم البعض ممن هم على رأس العمل استقالاتهم من أجل التقديم على الإعانة، مستنكرين هذا التوجه الذي قد يعصف بهذا المشروع النبيل من الجذور. وقال الاقتصادي فهد الأحمدي إن القطاع الخاص يتهرب من تطبيق السعودة منذ 20 عاما، بدعاوى شتى أبرزها عدم جدية الشباب السعودي وعدم قبوله بالرواتب المعروضة عليه وذلك على الرغم من التحول الكبير للشباب نحو العمل المهني في السنوات الأخيرة. وأوضح أن القطاع الخاص يضم آلاف المحال لبيع التجزئة، يمكن بقليل من التدريب توطين أكثر من مليون وظيفة بها برواتب لا ترهق القطاع الخاص في ظل ارتفاع الربحية الكبيرة التي يحققها. واستغرب الأحمدي التصريحات التي يروجها القطاع الخاص للربط بين التوسع في السعودة وارتفاع تكلفة السلع، مشيرا إلى أن الكثير من السعوديين الذين حصلوا على دورات تأهيلية أصبحوا مصدر جذب للمؤسسات والشركات عكس السابق. ولفت إلى ارتفاع معدلات السعودة في الشركات الكبرى، نتيجة التزامها بتقديم رواتب معقولة وحوافز للشباب، مستشهدا بنجاح التجربة في البنوك وسابك والاتصالات، ومنتقدا إصرار الكثير من شركات القطاع الخاص على توظيف الشباب برواتب متدنية وإلزامهم بالعمل لمدة 12 ساعة يوميا وبدون إجازات في كثير من الأحيان. وانتقد عدم الزام الجهات المختصة الشركات الصغيرة بساعات العمل المحددة أو دفع مقابل إضافي للعاملين عن ذلك. من جهته ربط رئيس مركز الدراسات عبدالهادي الحارثي بين نجاح السعودة ووجود قوانين حاسمة وعقوبات على الشركات المقصرة، مشيرا إلى أن القطاع الخاص يجب أن ينهض بمسؤولياته ويرد الجميل الذي قدمته له الدولة، متمثلا في القروض والتسهيلات حتى يؤسس لأنشطة قوية باتت تمثل 47 في المائة من إجمالي الناتج المحلي سنويا. واستغرب تهرب القطاع الخاص من تطبيق قرارات السعودة على مدار حوالى ثماني سنوات، ومن أبرزها القرار رقم 50 الذي يقضي بسعودة متدرجة للعاملين الوافدين سنويا والقرار رقم 120 لدعم فتح المصانع النسائية، وتأنيث وظائف محال بيع الملابس النسائية. واستغرب عدم تطبيق القرار الخاص بمنح الشركات الملتزمة بالسعودة الأولوية في الحصول على عقود تنفيذ المشاريع. وأوضح أن القطاع الخاص مطالب بالتفاعل الآن مع دعوة الملك للانطلاق بالسعودة إلى الأمام وترجمة الأقوال التي ينشدها إلى أفعال. وقال إن حسبة بسيطة تثبت أن العمالة الوافدة باتت أكثر كلفة من السعوديين في ظل تكاليف التأشيرة وتذاكر الطيران وغيرها من التكاليف غير المنظورة. واستنكر تحايل بعض شركات القطاع الخاص على صندوق الموارد البشرية بالسعودة الوهمية من أجل الحصول على الدعم دون توظيف سعوديين. إعانة العاطلين وحذر الاقتصادي رضا الطيار من تحول إعانة العاطلين إلى هدف بحد ذاته في ظل ما تنامى أخيرا عن تقديم بعض الشباب استقالاتهم من أجل الحصول على الإعانة، مشددا على أن الإعانة ليست هدفا بحد ذاته، بل وسيلة لتشجيع الشباب على البحث عن فرصة عمل مناسبة وأن هذا الهدف ينبغي أن يكون ماثلا أمام الجميع. وأوضح أن على الشباب السعودي أن يثبت جديته وأنه على قدر المسؤولية لأن الإعانة مشروطة بعام واحد فقط. ودعا إلى ترشيد استقدام العمالة إلى المملكة والتي زادت على مليون عامل سنويا حاليا، مشيرا إلى أن وجود أكثر من ستة ملايين عامل وافد في المملكة أمر بات يحتاج إلى إعادة نظر في ظل بقاء أكثر من نصف مليون سعودي بدون فرصة عمل. وأشار إلى أن هذه الأعداد مرشحة للتفاقم في السنوات المقبلة في ظل تخرج عشرات الآلاف من الجامعات والمعاهد المهنية سنويا. وشكك في شأن الأرقام التي تعلن العديد من الجهات عن توظيفها رسميا بشكل سنوي وفي صدارتها صندوق الموارد البشرية مشيرا إلى أنه وفق آخر الإحصاءات فإن أعداد السعوديين في القطاع الخاص لا تزيد على 800 ألف سعودي على أقصى تقدير. وتساءل عن مصير مليارات الريالات التي حصل عليها الصندوق من أجل السعودة على مدار السنوات الماضية. وتبين أن الكثير من الوظائف كان وهميا وأن بعض الشركات نجحت في التلاعب من أجل الربح من الصندوق فقط. ورأى أن الظروف المعيشية الراهنة تستلزم التفكير بجدية في وضع حد أدنى للرواتب في القطاع الخاص، مشيرا إلى أن الوضع الراهن دفع البعض إلى استغلال حاجة الشباب السعودي وتوظيفهم برواتب أقل من 1500 ريال وهو الأمر الذي لا يستقيم مطلقا مع الارتفاع الملحوظ في أعباء المعيشة. ودعا الشباب السعودي إلى الأخذ بزمام المبادرة لتأهيل نفسه بنفسه إلى سوق العمل، بعيدا عن الكثير من الدورات الرسمية الوهمية التي عقدت من أجل التوظيف ولم تحتق أي استفادة كبيرة منها.