يظهر خطاب خليجي، بعد الاتفاق النووي الإيراني وكأننا لا نملك الأدوات للتفوق أو التكافؤ مع طهران، مسلما بأن تحولا حاسما في صالح إيران قد تم وانتهى. بينما نجحت كيانات أكثر انكشافا استراتيجيا من الخليجيين في وقف الانسياق لحالة التقهقر والاندحار الكامل وحققت التوازن مع من ينافسها. مما يجعل دول مجلس التعاون قادرة لتعديل ميلان التوازن الاستراتيجي من خلال اتباع واحدة من ثلاث: - ليس من المستحيل خلق توازن استراتيجي بالاعتماد على الذات عبر تسخير المقدرات لحالة تعبئة تفرض لفترة محددة، وجعل وسائل الردع العسكري بحالة تأهب. وأكاد أجزم بقدرتنا على الردع الاستباقي وهو تضييق الحدود الفاصلة بين الدفاع والهجوم. وعلى من يجادل في ذلك النظر مليا إلى «عملية عاصفة الحزم» وما تركته من آثار سياسية. فقد أثبتت بالتفوق الكيفي وزخم الهجوم الكمي أنه ليس من العسير خلق عقيدة قتال تقلب سنوات التردد رأسا على عقب، وأن تصيب في مقتل مبدأ الاعتماد على الدعم الخارجي خاصة من واشنطن. - بالإمكان خلق التوازن الاستراتيجي ببناء هياكل وحدوية وتعاون إقليمي مع كيانات صغيرة، فبإعطاء الكيانات الصغرى عناصر القوة جراء تنافس القوى الكبرى لاجتذابها تتراجع سطوة الكبار. فاللعب على مفارقات التوازنات الدولية قديم قدم أطماع الدول العظمى بالخليج. فقد كان حاكم الكويت مبارك الكبير 1896-1915 يستدعي الألمان للتشاور حول خط برلينبغداد وهو تحت اتفاقية الحماية البريطانية، فيهرع البريطانيون هلعا لتحقيق مطالبه، ثم يعيد الكرة باستقبال السفن الروسية. مما خلق له عناصر قوة لم يكن يستطيع أن يوفرها بنفسه، بل نتيجة ظروف المنافسة السائدة. التي لا تسمح بتغيير الوضع الراهن «Status quo» طالما يخل بالتوازن الاستراتيجي. - تحويل الحالة من «توازن استراتيجي» إلى «توازن رعب» بالاحتماء بمظلة نووية أو بامتلاك سلاح نووي، والدخول بحقبة من حقب الحرب الباردة، بما فيها من تصعيد وتهدئة، سيقود الطرفين على ضفتي الخليج إلى نوع من «اتفاقية سالت» والوفاق القسري لمنع كل لاعب من التصرف وفق مصالحه الضيقة. بالعجمي الفصيح لم تخل ضفتا الخليج من فترات توازن استراتيجي، كفترة الامتداد العربي من العراق إلى عمان حتى الحرب العراقيةالإيرانية. ثم بالفترة 1991-2003. فاختلال التوازن هو شذوذ القاعدة في الخليج طالما توفرت الترتيبات الأمنية الحكيمة والمبادلات الدبلوماسية المكثفة وحسن إدارة العلاقات مع القوى الكبرى. أو بحلول مبتكرة فقد نجحت «أنفاق غزة» في فرض توازن استراتيجي فرض إعادة صياغة العقيدة القتالية للصهاينة لقصور مركبات عقيدتهم عن توفير حلول لتحدي الأنفاق. فكيف لا تستطيع أغنى ست دول في العالم في ابتكار موازن استراتيجي لطهران!