لقد أحدث الشيخ أحمد باديب أمرا. بعث مسرح السباعي من مرقده. ففي مركز أحمد باديب بقرية الكورال الثقافية على ساحل البحر الأحمر الشمالي بمدينة جدة قدم لنا مجموعة من الشباب الذين أحسن اختيارهم وتدريبهم مسرحية رائدة تقص علينا حكاية أحمد السباعي مع المسرح. مازلت أستحضر في ذاكرتي صورة الوالد رحمه الله قبل نحو نصف قرن وقد انتهى من تأليف كتابه «تاريخ مكة» ، وبدأ يعيش في حلم آخر.. إنشاء مسرح هادف في مكةالمكرمة يقدم للجمهور جوانب من تراثنا الإسلامي بأسلوب قصصي. سعى للحصول على ترخيص بإنشاء «دار قريش للتمثيل القصصي». واختار قصة من قصص التراث، ثم راح يجمع حوله بضعة من الشباب توسم فيهم الرغبة والاستعداد الفني. أتى لهم بمخرج من مصر يدربهم على التمثيل، وجهز المسرح على أرض فضاء تمتد أمام مطبعة قريش في حي جرول. وبعد أن اكتملت الترتيبات أعلن عن حفل الافتتاح. وفي الليلة الموعودة تصدت له بعض الآراء المتشددة لتقول له بصوت عال.. لا وألف لا. ووئد الحلم. المسرحية التي قدمها مركز أحمد باديب قبل أيام صورت لنا هذا الحدث أجمل تمثيل. هي إرهاصة مبشرة بخير للمسرح السعودي. مسرح على ما نرجو هادف بناء، يسهم في مسيرتنا الفنية والثقافية. والمسرح شأنه شأن وجوه الفن الأخرى إذا ما أحسن استخدامه وتوجيهه أضحى أداة إصلاح وتهذيب. شيء واحد في المسرحية كنت أتمنى لو أنه اتخذ مسارا آخر، ذلك هو ختام المسرحية التي كانت توحي بانهزام الوالد وانكفائه. سألت الوالد فيما تلا من سنين عن مشاعره يوم أن أغلق المسرح قبل أن يرى النور. قال رحمه الله «بعد فترة من الإحباط لم تطل أغلقت على نفسي باب غرفتي، ورحت أضحك، وأضحك، وأضحك حتى (كادت جنوبي تتفزر). خرجت بعدها وكأن شيئا لم يكن». كانت هذه طبيعة الوالد رحمه الله. إن لم يكن ما تريد فأرد ما يكون. ألف شكر لأخي الشيخ أحمد باديب ولكل من عمل معه من معدين ومخرجين وممثلين لإخراج هذا العمل الرائد.