لا تعكس الخدمات في محافظة الشملي (170 كلم غرب حائل)، واقع أهميتها الاستراتيجية، باعتبارها محافظة ترتبط بمنطقة وتتصل جغرافيا بمنطقتين، فهي تبعد 270 كلم عن العلا بمنطقة المدينةالمنورة، ومسافة 450 كلم عن تبوك. وربما الوصول إلى الشملي عبر طريق صعب يعكس نصف الإجابة عن السؤال حول نقص الخدمات في المحافظة التي يرى الكثير من أهلها أنهم معزولون كثيرا عن المنطقة. زرنا الشملي لنقرب الصورة الحقيقية عن واقعها كمحافظة هامة، وعن حياة سكانها، لكن الطريق الذي يخدم أكثر من 40 ألف نسمة يمثلون سكانها، وينتشرون في 50 قرية وهجرة تتبع لها، للأسف حاله لا يسر العابرين، ومع ذلك فهم مضطرون لعبوره بشكل يومي، لأن الكثير من الخدمات مفقودة في المحافظة، فيقطعون المسافة الطويلة وصولا إلى حائل -الأقرب جغرافيا- لإنهاء المعاملات، وتتضح المعاناة إذا تطلب الأمر أوراق إضافية أو إثباتات معينة من الشملي، ليجد المراجع نفسه مضطرا للعودة من حيثما أتى. ويعكس الطريق الذي يربط المحافظة بالعلا أو حائل، والمعروف باسم طريق «حائل/العلا»، واجهة الآلام التي يتجرعها العابرون، من أبناء المحافظة، أو من الزائرين الراغبين في التعرف على آثار حائل أو العلا، ويضطرون لعبور هذا الطريق، فيجدون مسلسلا يوميا من الحوادث المؤلمة، حيث ما زال هذا الطريق يتيم المسار رغم مناشدات الأهالي للمسؤولين بازدواجيته. استوقفنا أحد الأهالي ويدعى غريب هليل السبيعي، ليصف الحال، حيث أكد أن هذا الطريق بمثابة الواجهة الدولية البرية لغرب المملكة مع مصر والأردن وسورية بعد طريق الجوف السريع، ويعيش حركة دائبة لا تهدأ من السيارات الصغيرة والكبيرة على مدى الأربع والعشرين ساعة، كل هذه الأسباب جعلت من هذا الطريق مسرحا للحوادث المرورية التي خلفت وراءها مئات الموتى والمصابين بإصابات مختلفة ومتفرقة ما بين خفيفة ومتوسطة وخطيرة، حتى أصبحت المآسي سمة من سماته حيث انتشار الإبل السائبة عليه ومساره الواحد تسببا في استنزاف دماء الكثير من الأبرياء في حوادث مفجعة ومروعة. مراكز إسعافية ويضيف فهد شايز الجعفري أن الشملي يمر بها عدد من الطرق الحيوية مثل الطريق الذي يربط محافظة الشملي بالمدينةالمنورة والذي يعد شريانا حيويا ويشهد ازدحاما شديدا فتتحتم الضرورة لإيجاد مركز إسعافي على هذا الطريق ليعمل بشكل تكاملي مع بقية الجهات ويسهم في نقل مصابي الحوادث المرورية إلى المستشفيات الرئيسية حيث دائما ينتج بهذا الطريق حوادث مؤلمة تحتاج لإسعاف المصابين على وجه السرعة. جهات مفقودة لكن السر في زحام الطريق ربما يعود لنقص وغياب الكثير من الإدارات الحكومية في الشملي، حيث ينتقد الدكتور فهد العوني الشملي، غياب تلك الفروع رغم أهميتها للمواطن الذي أصبح مجبرا على السفر إلى حائل وتكبد مشاق مسافة 340 كلم ذهابا وإيابا لمراجعة تلك الجهات الحكومية المفقودة بالمحافظة، معرضين أنفسهم لمخاطر الطريق. وأشار لحاجة الشملي لتلك الجهات الحكومية عاجلا لتكون محافظة مكتملة الخدمات، والتي من أبرزها مكتب أحوال مدنية، جوازات، ضمان اجتماعي، مكتب للعمل والعمال وفروع للبنوك المحلية وفرع لمؤسسة التقاعد. ويعتقد عضو المجلس البلدي عبداللطيف بن الحبيب العنزي، أن عدم رفع مستوى بلدية المحافظة إلى فئة أكبر، ربما هو السبب في انحسار الخدمات، مشيرا إلى أنها منذ 30 عاما وما زالت على فئة (د)، رغم أنها تقدم خدماتها إلى 50 قرية وهجرة، بالإضافة إلى أهمية إيجاد بلديات فرعية في القرى الكبيرة ليخف الضغط على بلدية المحافظة، حيث ان مركز فيضة بن سويلم واسبطر تعد من أكثر القرى كثافة سكنية وهي بحاجة إلى افتتاح بلديات أخرى لتساند بلدية المحافظة بتقديم الخدمات البلدية والمشاريع التطويرية. ويتفق معه غزاي سالم في أن الشملي رغم كثافتها السكانية إلا أنها ما زالت قرية بدليل عدم ترقية خدمات البلدية من فئة (د) نحو فئة (أ) وبالتالي زيادة الامكانيات المالية والقدرات البشرية فهي حالها نفس حال القرى الاخرى «رغم انها محسوبة على المنطقة كمحافظة وهنا الكارثة الكبيرة». وقال: ننتظر من المحافظ العمل بشكل فوري على التنمية الشاملة التي توقف الهجرة والتكدس نحو حائل التي حاليا تدفع ثمن تكدس خدمات الضرورية للمواطن في حائل. صحة غائبة ويتحسر عضو المجلس المحلي صنهات بن حمود الشامان، على واقع الخدمات الصحية بالمحافظة، والتي لا ترتقي إلى تطلعاتهم، إذ ان المستشفى الوحيد سعته 50 سريرا ولا يسد حاجة المحافظة والقرى ال50 التابعة لها، أضف إلى ذلك عدم وجود بعض التخصصات الهامة مثل العيون والجلدية مما يدل على عدم اكتمال الخدمات وكذلك عدم وجود أجهزة هامة مثل المناظير الجراحية مما يضطر الأهالي للسفر من أجل العلاج وكذلك يجب إيجاد مراكز صحية في عدد من الأحياء التي تشهد كثافة سكانية عالية. ويؤكد أنه يجب تحويل مكتب التربية والتعليم إلى إدارة مستقلة وذلك دعما للنهضة التعليمية في المحافظة حيث ما زال المكتب ذو الإمكانيات القليلة يخدم 80 إدارة مدرسة تضم نحو 10 آلاف طالب وطالبة. ويضيف جميل العنزي، ان مستشفى الشملي الحالي لا يفي بالغرض ويفتقد للتخصصات الطبية الدقيقة فالتحويل مستمر نحو مستشفى الملك خالد بحائل والمستشفيات الاخرى بسبب الامكانيات الضعيفة التي تحتاج لتطوير فالاقسام والأطباء قليلون قياسا الى نسبة السكان والملفات الطبية الهائلة والكبيرة. وقال: المستشفى الحالي يحتاج لعمل وتفعيل وتوسع إلى نحو 100 سرير وعقد تشغيلي خاص به حتى يتم رفع امكانياته خاصة أننا نعيش في طفرة كبيرة تعيشها البلاد. ويعاني أهالي الشملي حسب تأكيدات عضو المجلس المحلي محمد بن سعود الكاسب، من النقص الشديد في المياه المحلاة التي لا تصل إلى منازلهم، مناشدا الجهات المعنية لإيجاد حلول جذرية لإنهاء مشاكل المواطنين، مبديا دهشته من عدم إيصال أهم عناصر الحياة إلى المنازل وخاصة المخططات الحكومية مما شكل معاناة يومية بمجرد حلول فصل الصيف والبحث الماراثوني عن شاحنات المياه الخاصة والتي لا تفي بحاجة المواطنين بالوقت الحالي. السياحة والآثار ورغم أن الشملي تزخر بالعديد من المعالم والمواقع الأثرية التي تحمل عبق الماضي العريق، إلا أن هذه المعالم الأثرية حسب عضو المجلس المحلي نواف رباح الفالح، ما زالت مهملة، ولم تجد من يهتم بها وتسترخي في قبضة الإهمال فلذا يجب العمل على إيجاد مكتب للسياحة والآثار بالشملي للعناية بهذه المواقع وحمايتها لتكون ضمن المعالم السياحية التي تستقطب الزوار، مشيرا إلى أن الشملي تعد من أكبر المدن التابعة لمنطقة حائل بآثارها ومعالمها القديمة التي تعود إلى ما قبل الميلاد، ومن أشهرها (جبل محجة، والضبيبية، أدمى، قصر الحنية، بئر الرفدي). ناد رياضي وأشار نائب رئيس المجلس البلدي عيد بن إبراهيم السويلم إلى أنه رغم كثافة السكان وولع الشباب بالرياضة، وبالأخص كرة القدم، إلا أن الشملي تفتقر لناد رياضي، اجتماعي، ثقافي لإقامة دورات وأنشطة رياضية وثقافية واجتماعية، من شأنها أن تستثمر أوقات الشباب وتسخر طاقاتهم في المجالات الصحيحة والمحافظة عليهم من الانحراف والضياع، واجزم أن الشملي سوف تمد مختلف المنتخبات السعودية باللاعبين البارزين وذلك نظير ما يتمتع به شباب الشملي من طاقات مميزة في حال تبنيهم من خلال احتضانهم بمقر رسمي وبمتابعة مختصين بالمجال الرياضي. البلدية: مشاريع للتطوير وتصريف السيول قال رئيس بلدية محافظة الشملي المهندس مشعل فريح البشير إن البلدية بدأت العمل في تنفيذ حزمة من المشاريع التنموية بالمحافظة، أبرزها تطوير المنطقة المركزية بالمحافظة والرفع بجسور مشاة بالقرى لتأمين سلامة المواطنين على امتداد الطريق العام، بالإضافة إلى تنمية عدد من المواقع السياحية بالتعاون مع هيئة السياحة والآثار بحائل. وأضاف: تجري البلدية حاليا 6 مشاريع تصريف السيول ومياه الأمطار منها 4 عند تقاطع مجاري الأودية مع طريق الملك عبدالعزيز، وكذلك مشروعين بطريق الملك عبدالله، كما سيتم تصريف مياه الأمطار بشارع الملك فيصل والملك فهد، وتطوير المنطقة المركزية بالمحافظة، وإعداد مخطط استشاري للمحافظة، وتنزيل الطرق الهيكلية وتنفيذها، بالإضافة إلى تنمية المواقع السياحية (بحيرة أدمى، محجة، الضبيبية، بئر الرفدي)، وجار التنسيق مع هيئة السياحة والآثار لتطوير موقع المياه الكبريتية ببئر الرفدي بحيث تقوم الهيئة بعمل الدراسات اللازمة ومن ثم اعتماد المشروع في الميزانية القادمة وعند الاعتماد سيتم تنفيذه بمشيئة الله، بالإضافة إلى اقتراح جسور مشاة للقرى (اسبطر والعمائر وبيضاء نثيل). المحافظ: الإمكانيات لاتكفي.. والجوازات والضمان قريباً أكد محافظ الشملي علي بن رشود الجار الله أن إمكانيات البلدية لا تكفي ولا يمكنها تغطية المحافظة والقرى التابعة لها فهي ما زالت منذ 30 عاما على فئة (د)، فالبلدية لم ترفع فئتها بعد تحويلها محافظة أي أن المشاريع والميزانيات التي تخصص لها سابقا هي نفسها حاليا، وتمت دراستها عبر المجلس المحلي والمجلس البلدي للرفع بها للوزارة لترقية البلدية لفئة أعلى وبانتظار الموافقة بالإضافة تم الرفع لافتتاح بلديات فرعية. وأوضح أن الشملي في السابق كانت تفتقد لعدد من فروع الدوائر الحكومية الهامة وهذا يعود لعدد من الأسباب والضوابط التي تحكم افتتاح فروع فالأحوال المدنية لم تفتتح بسبب التعداد السكاني المعمول به كمقياس على إقرار الخدمات، أما الوقت الحالي فافتتاح فرع للأحوال هي ضرورة أساسية لأن الشملي شهدت بالآونة الأخيرة انفجارا سكانيا يكاد يكون الأسرع في منطقة حائل، أما الجوازات فلديهم توجه قوي حسب ما اطلعت عليه بافتتاح فرع لهم في الشملي بالقريب العاجل وبانتظار استئجار مقر لهم، وبالنسبة للضمان الاجتماعي سوف يرى النور قريبا وذلك بعد إعلانهم عن استئجار مقر لهم بالمحافظة. وأشار إلى أن ما ينقص الشملي من مشاريع خدمية واستثمارية هي محل اهتمامنا وقائمون على دراستها عبر لجان المجلس المحلي وإن شاء ستكتمل الخدمات للمواطنين بأسرع وقت وأسهل طريقة. وحول كيفية الاستفادة من أكبر سوق شعبي في المنطقة، بين المحافظ أن سوق بئر الرفدي من أكبر وأقدم الأسواق الشعبية بالمنطقة وتم الوقوف على السوق ميدانيا، حيث يمر بمراحل تطوير من خلال مشروعات بلدية وخدمية تقام بها بالوقت الحالي وفي حال انجازها سوف يحقق قيمة اقتصادية مجزية للباعة والمتسوقين.