لهذا المثل روايات متعددة بسند متصل خال من الشذوذ والعلل القادحة، ومناسبته أن أحد البدو تعرض لوعكة صحية في زمن لم يكن فيه الطب الحديث ظهر، وكان أحد المهرة في قرية مجاورة يحلق الروس ويختن ويجبر الكسور ويحجم، فمر به البدوي وعرض عليه شكواه. فطلب منه أن يكشف عن بطنه ورأى التورم فقال لا بد من جراحة عاجلة وقبل البدوي على مضض وسدحه فوق الجاعد وأحمى عدته في النار وبدأ إجراء العملية فصاح البدوي متألما فعلق بعض الحضور: أفا تصيح من شرطة سكين وأنت شيبة، فرد عليهم وأسنانه تصر «وش عليك أنت يا الجرثومة القطع في لحم البدوي» فغدت مثلا، ونحن مع بعض الشركات الخدمية التي تستقطع من أموالنا ما لا يوازي ما تقدمه من خدمة مثل ذلك البدوي المسكين يقطعون في لحمه ويقولون لا تصيح، ولم نعد نمايز بينهم بالأحسن بل نقول: تلك أقل سوء «فرعة النطالة» وبما أن الحديث عن البدو فلا بأس من استعادة حكاية الحضري الذي تزوج بدوية ففرت منه لأنها تعودت مكارم الأخلاق وزوجها لكم عليه، وأقسمت لأبيها لا تعود إليه، والبدو يطلقون عليها «شاني» ومرت أيام وليال والرجال يتحرى خبرا أو بشارة، وذات مساء اتفق مع أبيها أن يأتي في يوم سفره إلى البيت وينفرد بزوجته ويمكن الله يهدي بالها وترضى، وجاء اليوم الموعود وقطع الحضري جبالا ووديانا حتى وصل العقيق ومر بالسوق ورآه أحد تجار الحضر فقال له بعد السلام وبعض الكلام إن كنت بتطلع الديرة فمرنيه أعطيك أغراضا للعيال، فقال: سأمرك بعد يومين أو ثلاثة ولم يخبره عن أمر زوجته، فانصرف عنه ودرعم باتجاه منزل أرحامه فلقيه أخو زوجته الأحمق ولين عظمه بالعجرا وما هي إلا ساعة حتى عاد لصاحبه وصاح به: هات أغراضك أوصلها لأهلك، فقال: ما قلت بتجلس لك يومين ثلاثة: فرد: خلاص انقضى اللازم.. رمضان كريم قبل الله منا ومنكم.