يستكمل الرحالة الانجليزي ( داوتي ) ضمن كتابه رحلات داوتي رصده الدقيق لمظاهر اللعب والختان شمال الجزيرة عام 1878م ويقترب اكثر في هذا الجزء إلى طقوس أو حفلات الختان ، بهجة الصيف الوحيدة في الصحراء اثناء إقامته مع البدو شمال الجزيرة ، اذا ما اتفقنا ان شبه الجزيرة العربية باتساعها تأخذ ملامح قارة متكاملة وما ينطبق في جزء منها قد لا ينطبق على الجزء الآخر او يأتي مختلفا :- مزاح الأعرابي لا يصمت طويلاً ، وغالباً ما يقف الشباب ، في احتفال ضوء النهار هذا ، ينكتون حولهن . البعض منهم ينتف ريشات الفتيات ، بنات أعمامهم القريبات ، أثناء الرقص ، فلا يجرؤون على الرد عليهم بشيء ، إلا بنظرات موبخة : أو يكون الأولاد الضاحكون بصوت عالِ قد وزعوا بالمناسبة هذه الجماعة اللطيفة بينهم كزوجات لهم ، وإذا وجد غريب ، فإنهم يأمرونه أن يختار أي واحدة سيتزوجها من بينهن : ما رأيك بفتياتنا السن مليحات الوجوه .؟ لكن العذراوات لا يبتسمن ، وإذا تطلعت أية واحدة إلى الأعلى ، فإن عيونهن البرية ترى مغرية . إنهن مثل الأطفال تحت السلطة ، يحتفظن هنا بسلوك مدروس ، ومن أجل كل ذلك فهن لسن سيرينات ( عرائس البحر ) والتقدير ينال على السلوك العذري الجافي للبنات الصغيرات ، وهنا يرقصن بوصفهن المرشحات الغضات لأجل الزواج السعيد ، والأمومة المباركة للأبناء ، عسى مستقبلهن يقترب والذي سيكون مثل هذا اليوم البهيج ، وهن اللواتي ينشدن حظهن الآن، الذي يضم فيه رجل ولد إلى دين الإسلام ، إنه أفضل من يوم ميلاده . يختن الابن البدوي كونه بلغ ثلاثة أعوام كاملة ، وعندئذِ عندما يمكن للموسم أن يخدم بدون خرافة الأيام ، وعندما تكون الأم قادرة على تقديم الذرة أو الأرز الكافي لأجل عشاء ضيوفها ، في بعض الأحيان يؤجلون الجراحة حتى الغد في حال حدوث أي طقس عاصف عنيف أو بسبب رحلة الأعراب يأتي أصدقاء الأب ليكونوا ضيوفه : يكون بعضهم قد زين نفسه بحزام رماة البنادق وحزام الكتف المبهرج ، يخشخش بالسلاسل الفولاذية الصغيرة الكثيرة وخرطوشات البارود النحاسية ، ويحملون على أكتافهم بنادق الفتيل الطويلة . بعد ذلك يبرهنون على براعتهم في التسديد على جمجمة نعجة ، والتي ضحى بها أب المولود إلى (الضيافة ) كل رجل يقتل أضحيته ، كما في العالم القديم ، بيديه ، وتسلخ الذبيحة وتقطع بالسرعة المعهودة للعرب ، البدو كلهم قصابون خبراء ، تعلق الأرباع الآن على جفنة ما . أو على الأغصان ، التي ربما بحثوا عنها في سفح جبل بعيد وهم يجولون في البرية المفتوحة عندما تنحدر الشمس نحو المغيب يرمي اللحم في المرجل او الجرة . الأحشاء الكبيرة تبقى معلقة على غصنهم التذكاري . بعد اللحم ، يطهى مقدار من الطعام من حساء أحد الحبوب التي بحوزتهم ، مع غروب الشمس تتفرق فتيات الرقص الحلقي : ينسحب الرجال الآن إلى صلواتهم ، وفي هذا الوقت يتم سوق ماشية كل أسرة ، إلى الداخل ، ينهض الرجال من صلواتهم ، فيقدم العشاء في الخيمة : غالباً يكون اللحم الكافي لثلاثين رجلاً في ذلك الطبق الكبير الخشبي بحجم الترس الذي يوضع أمامهم . بعد ذلك بوقت قليل سيأتي إلى هنا بعض الرعاة الفتيان العائدين المسترسلين في الصخب ، إنهم ينجذبون على الضجيج المرح لمزين فيشعرون بخفة في ركبهم تدفعهم للرقص . على شكل نسق يضع كل واحد ذراعه على كتف الآخر فيقف هؤلاء الأولاد الضاحكون مفعمين بالفكاهة ، وبصيحة واحدة يخبطون بأقدامهم وهم يتقدمون ، في هذه الأثناء ينشدون بصوت أجش أغنية شعبية من بيت واحد . ربات البيوت في الداخل يصفقن بأكفهن ، وتنهض واحدة مع عصا في يدها فيما الرجال الراقصون يتقدمون ، وواحدة ترقص لملاقاتهم ، إنها الأم على الأرجح ، وبمرح ترد عليهم بأغنيتها : فيما هم يتابعون الانحناء والتمايل معاً صفاً واحداً . يتقدمون نحوها ، فترقص متراجعة إلى الوراء ، متظاهرة بالدفاع بالعصا ، يلتفت وجهها إليهم ، وهم يصرخون بأعلى أصواتهم ، بذلك البيت من حناجرهم الرجولية ، كما لو كانوا يطاردونها . ويهجمون عليها . يتخيل البدو حتى ضرورة الختان : كونهم رعاة ماشية فإنهم يتذرعون بالأمثلة على كل الدواب ، أنه لدى ابن آدم وحده ، توجد هذه الطريقة للإعاقة . عندما سألوني قلت : ( يمكنكم أن تعدّلوا إذن عمل الله ) لا نتكلم عن هذا ، أجابوا ، بل فقط عن الفائدة (سألت ،ما هي واجبات المسلم ، فردوا ، أن يصوم الإنسان شهراُ ويصلي صلواته اليومية ) دون أي ذكر للختان ، الذي يسمونه ( التطهير ) .