الشغف بكرة القدم ومتابعتها وجاذبيتها تجعلها سلاحا ذا حدين خطيرين جدا جدا، فمثلما أن إيجابياتها والعدالة فيها (إذا تواجدت) مؤثرة في السواد الأعظم شبابا وشيبا، فإن سلبياتها والظلم فيها له تأثير بالغ في نفسيات الملايين، وهذه الحقيقة يجب أن نحسب لها ألف حساب وحساب، فشعبية اللعبة تستوجب الحذر الشديد من مغبة عدم العدالة فيها. هذه مقدمة للتأكيد على أن كرة القدم ليست ذلك المجال الذي يستكثر البعض الخوض فيه، ولا ذلك المجال الذي يفترض أن نستهين بمواقفه أو نسطحها أو نترفع عن الاستشهاد بها، فتلك الاستهانة، وذلك التسطيح والترفع هي من خصالنا المتناقضة وشخصياتنا المزدوجة، حيث نهتم بأمر بالغ الاهتمام ثم نقلل من تأثيره!!. مثلما أن العدالة في كل شأن حقوقي أو قضائي أو صحي أو تعليمي أو إسكاني هو مطلب لنا ككتاب رأي وشأن اجتماعي، فإن العدالة في العقوبات على السلوكيات المشينة في مجال كرة القدم لا تقل أهمية، بل تزيد كون تأثيرها أوسع انتشارا و(غبنها) أعم وتداولها أكبر!!. صفع لاعب هلالي أحد مشجعي المنتخب؛ لأنه قال للاعبي المنتخب بعد مستويات هزيلة (جاء الزلايب)، وهي كلمة سوقية مستحدثه، ترمز لعدم الإجادة لكنها ليست شتما ولا سبا لوالدين، ومع ذلك لم يعاقب اللاعب لصفعه مبتعثا سعوديا قطع مئات الأميال لتشجيع منتخب وطنه!!. صفع ثلاثة من لاعبي فريق النصر ثلاثة من مشجعي الهلال قال شهود عيان إنهم استفزوا اللاعبين الخاسرين بشتائم وسب وقذف لوالديهم وبعضهم متوفى، فجاءت عقوبات شديدة صارمة بحق اللاعبين (لا نعترض عليها، بل نؤيدها كجانب تربوي وتعويد على ضبط النفس)، لكننا حينما نقارنها بالموقف من صفعة اللاعب الهلالي نجدها كيلا بمكيالين غريبين لا يقل استفزازا من الصفعة في الحالتين!!. التفسيرات ذهبت إلى عدم الحياد والكيل بمكيالين وعدم العدالة في مواقف لجنة الانضباط، وبعضها ذهب إلى مجاملة لميول مسؤول من مقرر العقوبة (وهي مجاملة قد لا يقبلها المسؤول نفسه)، لكن المؤكد أن الكيل بمكيالين للصفعتين استفز السواد الأعظم، حتى من طرف بعض جمهور الهلال، فالإنسان المنصف يستفزه الظلم ولا يقبله حتى لو كان في مصلحته!، أما المتعصب فهو لا يقل ظلما عن الظالم. السؤال المهم: ألسنا في غنى عن أي غبن أو شعور بعدم عدالة في الكيل بمكيالين في شأن رياضي يمكن أن يكون مقياسا شائعا لغيره.