بلغت الحصيلة الإجمالية للجريمة الإرهابية التي شهدتها بلدة القديح 109 حالات، منها 21 حالة وفاة، والبقية تعددت إصاباتهم. هكذا، ثمة محرضون وشخص ينفذ العملية الإرهابية والقتلى والجرحى بالعشرات، هذا هو السيناريو المتبع في كثير من العمليات الإرهابية. وفي كل عملية إرهابية ثمة شخص يتجه لنسف نفسه بيقين أنه أدى واجبا مقدسا، فمن أسلم هذا الشاب لذلك اليقين؟ وقبل الإجابة عن هذا السؤال، علينا الاعتراف أننا نعيش في عالم طفحت منه العنصرية والمذهبية والطائفية، وكل منها يتم تغذيتها بأقوال وشروحات للمريدين حتى تشبع الفرد بمشاعر الكره اتجاه أي مغاير له. وفي حادثة القديح (وما قبلها) طرأت بالبال صورة منفذ أي عملية انتحارية كيف تم توجيهه وبأي الحجج والأدلة والبراهين التي سيقت لعقله وثقافته كي تجعله مفتاحا للدمار، كيف تم إيصال المنتحر إلى نقطة الهاوية حتى لم يعد للوجود أي قيمة، وكل شيء تحول إلى فناء: ذاته والمستهدفون والأبرياء. حقا، كثير من المنفذين لعمليات الإرهابية هم مساكين هم ضحايا للمحرضين اكتسبوا ثقة عمياء لدى هؤلاء الشباب، فقادوهم لتنفيذ مخططاتهم السياسية باسم نصرة الدين، وفي كل مرة يذهب المنتحرون ومعهم عشرات الأبرياء، ويبقى المحرضون يستعدون لمحرقة جديدة وشباب جدد ينفذون لهم ما يتمنونه.. كل هذا العمليات المنظمة تتم باسم الدين. ومع كل عملية انتحارية شبابية (كلهم شباب) علينا أن نلوم منظومة اجتماعية كاملة سهت عن هذا الشاب حتى وصل إلى السقوط النهائي، كل المنظومة تسأل كيف لشاب أن يختطف لتنفيذ عملية انتحارية؟ أين المدرسة؟ أين المسجد؟ أين الأسرة؟ أين الجامعة؟ أين المؤسسات المدنية؟ كل هذه المؤسسات تتحمل مسؤولية شاب يقدم على نسف ذاته، ولأن المنظومة فشلت في حماية الشاب المنتحر تكون قد أعطت الفرصة الكاملة للمحرضين كي يعيثوا فسادا في عقول شبابنا. *** والمستهدفون لوحدة وأمن وطننا يعملون على فك عناصر معادلة الوحدة الوطنية من خلال تأجيج المجتمع من الداخل، ولعدم وجود تجاذبات داخلية،، وها هم الآن يلعبون على فك معادلة الوحدة الوطنية مذهبيا. وعلى المواطنين (قبل الدولة) التنبه من أين يأتي الخطر، فليس مقبولا الآن رفع المذهبية، سواء تم ذلك من خلال وسائل الإعلام أو من حناجر أئمة المساجد أو في مجالسنا، فالوطن ليس مذهبا وليس عزبة يستقل بها أطراف دون أطراف، بل هو وطن الجميع، وما يمس فرد واحد يمس الجميع (كلنا في واحد). وتقديرنا لرجال الأمن ويقظتهم، علينا التنبه إلى أن اختيار المناطق بقصدية تحميلها تحميلا مذهبيا يزيدنا يقينا أن المستهدف هو فك معادلة الوحدة الوطنية. وحماية الوطن ليست مسؤولية رجل الأمن بمفرده، بل هي واجب على الجميع المحافظة على كل المكتسبات لنا كأفراد وكوطن يظللنا من المخاطر المحدقة من كل صوب. [email protected]