سعيد من يكثر من النوافل تقربا إلى الله تعالى القائل في حديث قدسي: «من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، وإن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته». واليوم وقد أهل شهر شعبان فإنه يطيب لي أن أذكر القارئ الكريم بأن يقوم بما استطاع من النوافل التي تقربه إلى الله، وهي كثيرة منها الصلاة والصيام ومساعدة المحتاجين الذين لا يسألون الناس إلحافا. ففي ما روى الإمام البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول إنه لا يفطر، ويفطر حتى نقول إنه لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان». ولقد قيل في فضل الصيام في هذا الشهر أنه استعداد وتمرين لشهر رمضان، فلا يجد الإنسان مشقة ولا كلفة في صيامه وكذلك الحال في بقية الأعمال فيسن للمرء أن يجتهد في شهر شعبان حتى إذا أتى رمضان كان أكثر اجتهادا وأكثر قدرة على طاعة الله عز وجل. وفي شعبان ليلة فضيلة هي ليلة نصف الشهر. فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك ومشاحن». وخرج ابن ماجة بإسناده عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فإن الله تبارك وتعالى ينزل لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول: ألا من مستغفر فأغفر له؟ ألا من مسترزق فأرزقه؟ ألا من مبتلى فأعافيه.. إلا كذا؟ حتى يطلع الفجر». وخرج البيهقي بإسناده عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتاني جبريل عليه السلام فقال: هذه ليلة النصف من شعبان ولله فيها عتقاء من النار بعدد شعور غنم كلب لا ينظر الله فيها إلى مشرك ولا إلى مشاحن ولا إلى قاطع رحم ولا إلى مسبل، ولا إلى عاق والديه، ولا إلى مدمن خمر». الحديث: قوله بعدد شعور غنم كلب: يعني غنم قبيلة بني كلب، وبنو كلب من أكثر قبائل العرب غنما. ومن هذا المنطلق فإن على كل مسلم أن يتقرب إلى الله في هذه الليلة التي هي النصف من شعبان وفي كل ليلة ما شاء على امتداد الليالي والأعوام، وليفعل من الخير والنوافل ما استطاع. السطر الأخير: قال الله تعالى بسورة الحج: {يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون}.