شهر شعبان من شهور الله تعالى المباركة، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل هذا الشهر أحاديث كثيرة، ففيه ترفع الأعمال، وقد أخبر المصطفى عليه الصلاة والسلام بأنه يحب أن يرفع عمله وهو صائم فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم أكثر من شعبان...) وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله لم أرك تصوم شهراً من الشهور ما تصوم في شعبان، فقال صلى الله عليه وسلم: (ذلك شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم) فشهر شعبان شهر عظيم عظمَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم فحري بنا أن نعظمه وأن نكثر من العبادة والاستغفار فيه تماماً كما جاء وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، ويوم الثلاثاء القادم يوافق النصف من شعبان لهذا العام 1431ه. وقد عظم النبي عليه الصلاة والسلام هذه الليلة فقد روى عن أبي موسى رضي الله عنه أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يطّلع الله تبارك وتعالى إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلاَّ لمشرك أو مشاحن) إلا أن هناك الكثير من علماء الجهل ممن يجهلون أمور دينهم يحتفلون بهذه الليلة بعبادة لم يأمر بها خير الخلق فيقومون ليلها ويصومون نهارها، فهذا الاحتفال من الأمور المبتدعة المنهي عنها، والتي لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خصها بعبادة تميزها عن غيرها من ليالي الشهر، ولا عن صحابته الكرام رضوان الله عليهم أن فردوها بعبادة خاصة، قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى - أما صوم يوم النصف مفردًا فلا أصل له، بل إفراده مكروه، وكذلك اتخاذه موسماً تُصنع فيه الأطعمة، وتظهر فيه الزينة، وهو من المواسم المحدثة المبتدعة التي لا أصل لها – وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله تعالى - الاحتفال بليلة النصف من شعبان بالصلاة أو غيرها، وتخصيص يومها بالصيام بدعة منكرة عند أكثر أهل العلم، وليس له أصل في الشرع المطهر، بل هو مما حدث في الإسلام بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم – وقال أيضاً - من البدع التي أحدثها بعض الناس بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان، وتخصيص يومها بالصيام، وليس على ذلك دليل يجوز الاعتماد عليه، وقد ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها، أما ما ورد في فضل الصلاة فيها فكله موضوع، كما نبه على ذلك كثير من أهل العلم - وقال الشيخ القرضاوي حفظه الله - ليلة النصف من شعبان لم يأت فيها حديث وصل إلى درجة الصحة – فالحمد لله الذي رزقنا النهج القويم، وجعل لنا القرآن الكريم واضح البيان، وبعث لنا خير الأنام يُنِير لنا طريق الأيام لنسلك سُبَلْ السلام تحت لواء الإسلام. دعاء : اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه. ومن أصدق من الله قيلاً { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً }.