حديثا تشرفت باستلام كتاب بعنوان «لمحات من حياتي» أهداني إياه المؤلف الشيخ عبدالرحمن عبدالقادر فقيه وبعد قراءته تذكرت كتاب والدي «ذكريات الرجال» فعرفت أن هناك رجالا كالجبال الشامخة خدمتهم علم وخبرة واستثمار وادخار وصحبتهم شرف ورفقتهم ضمان والتواصل معهم حق ونسيانهم محال والدعاء لهم واجب. فالوجيه الشيخ عبدالرحمن عبدالقادر فقيه هو من هؤلاء الرجال الذي تشرفت بمعرفته وخدمته منذ عشر سنوات وكأني بدأت اليوم. فعلا يمر بحياتنا رجال مثل والدي يرحمه الله ومثل الوجيه وغيرهما من الرجال يصعب على الإنسان نسيانهم لأن معرفتهم وصحبتهم في هذه الدنيا شرف لنا ولا نملك لهم سوى الدعاء لهم بالرحمة لمن رحلوا وبظهر الغيب بالسعادة والتوفيق في حياتهم لمن هم لا يزالون في عطاءات شامخة مثل الوجيه. فنعم الأب ونعم الرجال الذين يستحقون التقدير، شيدوا كل ما هو مفيد ورائع وهم للإبداع رمز وهم للأصحاب علم جميل يرفرف في سماء المحبة الصادقة النقية كل شخص له صديق وفي كل شخص له أمل كبير وكل شخص له إعجاب في شيء وأنا أشهدكم الله أني أحببتهم مثل والدنا الوجيه في المنتدى الغالي والصرح الشامخ الذي جمعني به. ومن أجمل ما خطه يراع الوجيه في كتابه هو في المقدمة يقول: لم يعرفوا جيل اليوم حياة الحفر في الصخر لاستخراج قوته فقد أنعم الله على بلادنا برخاء لم نعهده من قبل ولكن علينا ونحن نتمتع بهذه النعم أن لا ننسى ما جاء في الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله «اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم». كما علينا أن نتذكر دائما قول الحق تبارك وتعالى: «وأن ليس للإنسان إلا ما سعى» إلى آخر الآية. هناك رجال لا يتركون التاريخ يصنعهم فهم الذين يصنعون التاريخ وبدمائهم يسطرون للدنيا أروع صفحات المجد والبطولة والفداء والبذل في سبيل دينهم ومليكهم ووطنهم. رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع، فقد عمل الوجيه منذ بداية حياته على تحقيق التوجيه الإلهي الذي طبقه الخليفة الفاروق بأن الحياة لا تبتسم إلا لمن يجتهد ويتعب ويتوكل على الله في البحث عن الأفضل بكل الطرق الأخلاقية والشريفة المتاحة أمامه ووفق ما سطره يراعه في كتابه «لمحات من حياتي»، هكذا الرجال يصنعون التاريخ من شعب عامر «مسقط رأسه» في مكةالمكرمة إلى داره العامرة فقد كان ولا يزال داره في مكةالمكرمة دائما عامرة بالضيافة والتكريم والسخاء لضيافته الأسبوعية وفي شتى المناسبات الدينية والأعياد والوطنية والاجتماعية من كبار الشخصيات إلى أضعف خلق الله فقد تشرفت بمعرفة الوجيه لأول مرة قبل عقد من الزمن في مكةالمكرمة، حيث قابلني مقابلة الأب لابنه تواضعا وكرما منه، رجل يسعى للعطاء خصوصا لأبناء بلده الذين هم رأس ماله وأصول شركاته، وهم مستشاروه المواطنون في شتى التخصصات العلمية والتقنية والتجارية والإدارية والإعلامية والاجتماعية، فمثلما قدم «لمحات من حياتي» كان أرقى في الوفاء في مسك الختام في تعبيره الوفي: أختم كتابي هذا بما بدأت به الوفاء والعرفان لتلك الشخصيات التي كان لها دور في بناء شخصيتي وتربيتي وتعليمي، وختم الوجيه كتابه بقول الله عز وجل: «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون». هذا هو الوجيه وذكريات الرجال.