- يوثق المؤلف تاريخ أهل مكة ويروي قصصاً لوفائه مع من سانده وشجع خطوات تجاربه الأولى ويعرض الحياة الاجتماعية والاقتصادية لمجتمع مكةالمكرمة (لمحات من حياتي – سيرة ذاتية) كتاب جديد صادر لرجل الأعمال المعروف عبدالرحمن عبدالقادر فقيه. أهدى المؤلف كتابه إلى «أبي وأمي اللذين ربياني منذ أن كنت صغيرا، وأحسنا تربيتي ولله الحمد.. شكرا وألف شكر لوالديّ الكريمين وأقبل أيديهما وأرجلهما وأسأل الله أن يرحمهما رحمة واسعة وعسى أن ينفعني بما قدما لي من دعوات مباركات لتكون ذخرا لي فيما تبقى من حياة». تقديم أ. صالح كامل كتب مقدمة الكتاب رجل الأعمال المعروف صالح عبدالله كامل قال فيها: «أعرفه حق المعرفة بدرجة لا تقل عن معرفته هو لذاته.. ذلك أن العظماء من الرجال ووجهاء القوم لا تفتأ أعمالهم تطوف بين الناس بالخير وتسعى بالثناء.. ما دام في الحي زامر.. وما دام هناك سامر بين الأحياء، عرفته عن قرب يوم كنت ندا وزميل دراسة لأخيه المرحوم صالح والذي يصغره بعشرين عاما. ولقد كانت مفاجأة لي أن شرفني حيت هاتفني طالبا تسطير تقدمة لهذا الكتاب، وهو القادر على تسطير تقدمات للعشرات من مثلى، ولكنها آداب الوجاهة وأخلاق الرجال، ووفاء الرفاق لرحلة عمر منحه الله فيها متسعا من الزمان ليرتوي وينهل من قدسية المكان، بعدما أمسى الرجل حجرا من أحجار مكة كما يقولون، للتدليل على العراقة والتجذر.. وخالص الانتماء. وها أنا ذا أسطر اليوم بيراع الوفاء مقدمتي الثانية، بعد ما كتبت دون طلب، مقالة عنه وتهنئة له في صحيفة مكة يوم عاد إلى مكةالمكرمة سالما من رحلة خارج المملكة وقد أصيبت به مصيبة آلمت محبيه وأرته محبته عند الناس وهو حي. كتبت تلك المقالة قبل أن أطلع على السيرة الذاتية له والتي بعث بها إلي مؤخرا.. وبعد الاطلاع عليها وأنا بصدد عمل مقدمة لكتابه.. تأكدت أني أعرفه كما يعرف هو نفسه وأعرف أنا نفسي.. فالسطور الراصدة لأعماله الجليلة، والعبارات الحاصدة لأفعاله الكثيرة لا تستوعبها مقدمة أو اثنتان أو ثلاث.. ولا تنضب المشاعر فعطاء الرجل غزير لمكة والمشاعر. بل وللوطن كله.. لقد أعطى للبلد الأمين جهدا وفكرا توالى على مدار السنين.. وجعل من أم القرى عشقه المكين.. مما جعل له بعض العواذل وأوجد له كثيرا من الغابطين، تعاملت معه يوم كان أول من جمع في مكةالمكرمة ملكية حوالي عشرين ألف متر.. وهذا ما لم يفعله أحد قبله ولا أظن أحدا بعده سيفعل، بعدما جمع ملكيات صغيرة ثم دمجها في كيان واحد وانضم إليه بعض رجال مكةالمكرمة وكنت أحدهم.. وانبثقت شركة مكة للإنشاء والتعمير.. واجهة مشرقة مضيفة صورة جمالية لعيون قصاد الكعبة المشرفة.. ثم جاءت فكرة جبل عمر كشركة أخرى لتضفي لمحة حضارية أخرى لجوار البيت العتيق «. مقدمة المؤلف وكتب المؤلف في المقدمة: «لم يعرف جيل اليوم حياة الحفر في الصخر لاستخراج قوته، فقد أنعم الله على بلادنا برخاء لم نعهده من قبل.. ولكن علينا ونحن نتمتع بهذه النعم أن لا ننسى ما جاء في الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله (اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم). كما علينا أن نتذكر دائما قول الحق تبارك وتعالى: {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} (39) سورة النجم. وهو التوجيه الإلهي الذي طبقه الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه عنما نهر أولئك النفر الذين جلسوا في المسجد منقطعين للعبادة، متكلين على رزق يأتيهم به آخرين، وقال لهم: (اخرجوا واطلبوا الرزق فإن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة). نعم إن الحياة لا تبتسم إلا لمن يجتهد ويتعب ويتوكل على الله في البحث عن الأفضل بكل الطرق الأخلاقية والشريفة المتاحة أمامه. ولإيصال هذه الرسالة لجيل الحاضر والمستقبل، سلمت أخيرا واستجبت لمطالبة أبنائي والخلّص من أصدقائي بكتابة لمحات من مسيرة حياتي بعد أن كنت ولفترات طويلة رافضا لهذا التوجه قناعة مني بأن لكل حياة خصوصيتها. لا حاضر بدون ماض ولا مستقبل بدون حاضر، وبتوفيق الله وبالكد والمثابرة في البحث عما هو أفضل يفتح الله الأبواب والطرق التي توصل المرء إلى ما يتمناه لحياته فالسكون والدعة والتسليم بالأمر الواقع في حياة الإنسان دون تطويرها لن تغير من حياة ذلك الإنسان شيئا.» الحياة الدراسية ويروي المؤلف في هذا الفصل ولادته عام 1343ه في شعب عامر بمكةالمكرمة وحياة طفولته، وحياته الدراسية بتفاصيل مهمة عن معلميه وزملاء دراسته، بالإضافة إلى توصيفه بدقة للحياة التعليمية في تلك الفترة التي يقول عنها: «اتسمت التربية والتعليم في ذلك الوقت بالكثير من القسوة، فلك أن تتصور حجم الرعب الذي يستولي على قلب الطفل عندما يسلمه والده إلى مدير المدرسة أو إلى شيخ الكتّاب ويقول له العبارة المشهورة آنذاك (يا شيخ لكم اللحم ولنا العظم)، ويكون بذلك قد أعطى للمعلمين حرية واسعة في التعامل الشديد والقاسي مع الطلاب، كما أن هيبة المعلم كان لها تأثيرها علينا، فكنا ننظر إلى المدير أو الأستاذ نظرة خوف واحترام إلى درجة أن أحدنا كان يهرب وكأنه ارتكب جرما لو شاهد أحدهما يسير في الشارع أو يقف عند دكانه». حياة العمل والدراسة ويتحدث المؤلف في هذا الفصل عن حياة الشباب الأولى وبدايات انطلاقاته في دروب العمل التي يقول عنها: «كانت دراستي في المدرسة لا تشغلني ولا تمنعني عن العمل في الدكان، فبعد انتهاء ساعات الدراسة، أذهب إلى الدكان وأساعد والدي رحمه الله في صباغة الحرير والخيوط القطنية، وتعبئة بعض الأصبغة في علب تغلف بأوراق تعتبر ماركة تجارية باسم الوالد رحمه الله». ثم بعد تخرجه من الابتدائية التي كانت تؤهل حاملها لدخول المرحلة الثانوية مباشرة، كان المؤلف شغوفا في لإكمال دراسته في العلوم الطبيعية، لكن هذه الرغبة اصطدمت بقرار والده رحمه الله بأن يعمل مساعدا له في دكانه، وأن يكتفي بذلك القدر من الدراسة التي حصل عليها. وعن هذا الموقف يقول المؤلف: «على الرغم من مرارة هذه الحادثة في حياتي، إلا أنني كنت مؤمنا بأن الإنسان يستطيع أن يبرع وينجح في أي مجال إذا كانت لديه العزيمة، وكان من الممكن أن يحبطني قرار الوالد، وأتقهقر إلى الوراء، ولكنني تركت ذلك الإحساس المحبط، وشمرت عن ساعديّ وانطلقت مع الوالد». الحروب والتحديات ويصف المؤلف في هذا الفصل انعكاسات الحرب العالمية الثانية وتأثيراتها الاقتصادية على المملكة وبخاصة المجتمع في مكةالمكرمة، حيث يشير إلى أن السياسة الحكيمة التي انتهجها الملك عبدالعزيز رحمه الله جنبت المملكة التأثيرات السلبية لهذه الحرب، وخاصة في توفير الغذاء، وحماية السفن القادمة للمملكة. كما يوثق تجربته في التجارة، عبر دخوله في صناعات جديدة لسلع غير متوفرة في السوق المحلي ويحتاجها الناس، مثل تجربتة في صناعة (النشأ) التي كانت سلعة يحتاجها الناس لاستخداماتها المتعددة بملابسهم. مرحلة صناعة الدواجن ويروي المؤلف تاريخ وسيرة دخوله لصناعة الدواجن التي حقق فيها نجاحا كبيرا. كانت البداية من زيارته لمزرعة الدواجن في الخرج عام 1370ه والتي كانت تتبع القصور الملكية. وعن هذه الزيارة يقول: «كانت هذه الزيارة لقست تربية الدواجن في مزارع الخرج حاسمة في مسيرتي العملية، فقد شعرت منذ تلك اللحظة بأن الدجاج والبيض هما المنتج المستقبلي الذي تتطلبه حاجة البلاد، وعقدت الحزم حينها أن يكون هذا هو المجال الذي سأطرقه إن شاء الله، خاصة بعد أن زاحمنا المنافسون في تجارة (السمن النباتي)، وبعد أن أصبح متواجدا أنواع وأصناف عديدة إلى جانب الزيوت النباتية التي امتلأ السوق بها.» شركة مكة للإنشاء والتعمير ويستعرض المؤلف في هذا الفصل البناء العمراني المجاور للمسجد الحرام وواقع الحياة في هذه المنطقة التي تبدأ من معاناة الحجاج والمعتمرون وزوار بيت الله الحرام من زحام شديد وشح كبير في الخدمات، وتنتهي بشكل النسيج العمراني المشوه وغير المتناسق والذي كانت عليه حالة تلك المساكن في ذلك الوقت والتي لا تليق بمجاورتها للحرم المكي الشريف. وجاءت الفكرة من تطوير هذه المنطقة بإنشاء شركة عملاقة، عبر إدخال جميع ملاك العقارات في المنطقة كمساهمين بأصولهم العينية بعد تقدير أثمانها عبر لجنة تقدير للعقارات معتمدة من الجهات الرسمية الحكومية، وقد تم وضع عدد من الخيارات أمام ملاك العقارات، إما أن يدخلوا الشركة كمساهمين بكامل قيمة عقاراتهم، أو يساهموا بنصف قيمة عقاراتهم عينا ويستلموا النصف الثاني نقدا، وفي حال عدم رغبتهم بهذين الخيارين فإن الشركة تشتري منهم كامل العقار وتدفع لهم قيمته نقدا. وقد لقيت فكرة تأسيس الشركة معارضين لها، باعتبار أن لا ينبغي نزع الملكية ممن لا يريد أن يبيع من ملكيته شيئا، لكن صدور الموافقة السامية عام 1408ه على تأسيس شكرة مكة للإنشاء والتعمير أنهت هذا الجدل. مركز فقيه للأبحاث والتطوير ويذكر المؤلف أنه في العام 1417ه أنشأ (مركز فقيه للأبحاث والتطوير) ليؤكد على أهمية إسهام القطاع الخاص في بناء قاعدة علمية تفتقر إليها بلادنا من ناحية، ومن ناحية أخرى يعد تطبيقا مخلصا للمفهوم الصحيح للعمل الخيري الذي يتصور بعض الناس أنه مقصور على إخراج الصدقات، ومد يد العون للمحتاجين، مع أن حاجة الناس إلى مشروع ذي عائد مستديم يرفع عنهم جانبا من المعاناة اليومية، ويذلل أمامهم بعض صعوبات الحياة ومتاعبها، قد يكون أهم من ذلك بكثير، كما أن دعم أهل الخير لمعاهد ومراكز البحث العلمي، إنما هو نهج إسلامي أصيل نشأ في بلادنا، ممثلا في نظام الوقف الذي كان له دور مشهود في صنع الحضارة الإسلامية. والمركز منذ انطلاقته الأولى ما يزال يواصل دوره الرائد في مجال البحث العلمي والتطوير التقني، انطلاقا من توجه وطني أصيل نحو التفاعل مع القضايا والمشكلات الملحة في مجتمعنا، في محاولة لتوفير الحلول والبدائل العلمية المناسبة لها، ومنها قصية المياه، والطاقة، والبيئة، قضايا الأوقاف والاقتصاد. مرحلة المشاريع السياحية ويتحدث المؤلف في هذا الفصل عن فكرة استثماره في قطاع المشاريع السياحية، فيقول عن بداية الفكرة: «كنت في كل مرة أزور فيها بلدا أجنبيا وأشاهد فيها معلما سياحيا تراودني فكرة بناء مثيل له في وطني، وخصوصا أن فكرة الدخول للاستثمار السياحي، قد بدأت تلح علي بعد أن وجدت اهتماما كبيرا من دولتنا في هذا المجال وتوج بإنشاء الهيئة العامة للسياحة والآثار والتي ترأس مجلس إدارتها وعاصر بدايات نشاطها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمه الله. من هذا المنطلق فكرت في تأسيس مركز بحثي لدراسة الأفكار والمشاريع السياحية التي تعزز من مكانة جدة كوجهة سياحية ومقصدا للزوار من أهلها والمقيمين فيها والقادمين إليها». ويعرض في هذا الفصل نماذج لهذه المشاريع السياحية، ومنها مشروع «فقيه أكواريوم» الذي يضم أقساما كثيرة تحقق عنصر التعليم والترفيه وقضاء الوقت في متعة بريئة لكل الفئات العمرية. مشروع تطوير جبل عمر ويحكي المؤلف في هذا الفصل قصة مشروع تطوير جبل عمر فيقول: «أصبح التطوير الشامل بعد نجاح مشروع مكة للإنشاء والتعمير فكرة مقبولة لدى الجميع، وقد قاد ذلك النجاح إلى التفكير في مشروع آخر له نفس الهدف ويحقق الرؤية التي رسمها ولاة الأمر للمدينتين المقدستين في مكةالمكرمة والمدينة المنورة، فكانت ولادة مشروع تطوير منطقة (جبل عمر) والتي تقع في الناحية الجنوبية الغربية من الحرم المكي الشريف، وفكرة التطوير في هذه المنطقة أصبحت ضرورة ملحة لأنه لا يمكن بحال من الأحوال القبول بوجود 1225 عقارا عشوائي التنظيم والتخطيط ويفتقر إلى أبسط متطلبات السكن الصحي والمثالي في منطقة مجاورة للحرم المكي الشريف». مدارس عبدالرحمن فقيه النموذجية يؤكد المؤلف في بداية حديثه في هذا الفصل أن لديه قناعة تامة بأن الاستثمار الحقيقي هو في الإنسان، فهو الذي يصنع الفرق على قدر ما يمتلكه من تعليم وتدريب وتطوير لقدراته. وعن مشروع المدارس يقول: «كانت هذه القناعة حاضرة عندما فكرت في إنشاء مدارس نموذجية عصرية تأخذ بآخر ما توصلت إليه وسائل التربية والتعليم من تقنيات تصل بأبنائنا الطلاب إلى ما يرجوه لهم الوطن وقادته من رفعة وعزة ومجد، ذلك أنه كان من أغلى أمنياتي وأحبها إلى نفسي أن تستعيد مكةالمكرمة دورها التاريخي المجيد كمنارة علم ومركز إشعاع وتنوير وأن تكون قبلة للدارسين وطلبة العلم، وأن تكون دور العلم فيها محجا للباحثين عن التميز والتفوق من داخل أم القرى وخارجها، وأن تبدأ هذه المدارس مشوارها من حيث انتهى غيرها على مستوى المنطقة والعالم، وأن تكون نموذجا يحاكيه الغير من حيث المستوى والإمكانات والمخرجات. وقد اكتملت سعادتي أكثر في يوم 29 صفر لعام 1429ه حينما تفضل سمو أمير منطقة مكةالمكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود بالافتتاح الرسمي للمدارس». مسك الختام ويختم المؤلف كتابه بالإشارة إلى بالوفاء والعرفان لتلك الشخصيات التي كان لها دور في بناء شخصيته وتربيته وتعليمه، بالإضافة إلى الشخصيات التي أُعجب بها المؤلف من معارفه وأصدقائه والشخصيات القيادية التي كان لها اعظم الأثر في بناء الوطن والمجتمع، والتي تشرف بالتعرف عليها عن قرب، أو كانت له مواقف معها، تعلم منها وتأثر بها وحفظها لهم. ومن الأسماء التي يذكرها: والده رحمه الله، وأصدقاؤه، بسام البسام، والسفير مقبل العيسى، محمد الصانع، صالح بن محمد جمال رحمهم الله، اللواء صديق تونسي، عبدالله صالح فقيه، عبدالله عمر خياط، محمد عمر العامودي، محمد سعيد طيب، وآخرون. ومن الشخصيات القيادية، الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله، الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله، الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله. ملحق للكتاب ويورد المؤلف ملحقا للكتاب تحت عنوان (مركز فقيه للأبحاث والتطوير) عرض فيه بالصور لفكرة مشروع المسارات المتحركة والتي تشبه تلك الموجودة في المطارات ولكن بشكل أكثر سعة وتناسبا مع ظروف الحج ركيزة الجهود الحثيثة التي بذلها المركز عبر سنوات من البحث والدراسة حيث أجرى المركز دراسة مقارنة بين نظم النقل الحالية في المشاعر المقدسة للاستفادة من معطياتها في إجراء دراسة مشروع «مسارات المشاة المتحركة في المشاعر المقدسة».