يعطى لمعظم الأطفال بطانية، أو دب ذو فراء، أو أي شيء ناعم وغير مؤذٍ ليلازمهم حتى يكبروا. شيء كي يتمكن آباؤهم من إغاظتهم به أمام أصدقائهم في المستقبل. لكن ليس أنا، دونا هانتر، فقد تعلقت أثناء نشأتي بشيء ليس ملكي أصلا. كانت أمي تلبس قلادة ذهبية صغيرة لبستها أمها من قبلها. وعندما كنت أشرع بالبكاء، كانت تحملني بين ذراعيها وبمجرد أن تقع عيناي على القلادة، أهدأ حالا. عندما كبرت، فعلت أمي ما ستفعله أي أم وأعطتني ما أردت. وصارت القلادة تلبس حول عنقي بدلا من عنقها. لكنها لم تفتح أبدا، ليس من أجلي. فسألت أمي، «كيف حدث أنها فتحت لجدتي ولم تفتح لنا؟». «أعتقد أن بعض الناس يجدون صعوبة أكبر في ذلك» قالت ذلك بكل الهدوء الممكن. أستطيع أن أفهم ما قصدته. فأنا لم أر أمي تبكي ولا مرة واحدة، وهي بدورها لم تر مني ذلك القدر من المشاعر. فنحن لم نكن أبدا صديقتين مقربتين مثل معظم الفتيات وأمهاتهن. وكان ذلك لا بأس به حتى الآن. لكني أشعر في بعض الأحيان أنني قنبلة موقوتة، أكبت كل تلك المشاعر التي على وشك أن تنفجر داخلي. «وهذا يتركك آنسة هانتر مع...» مرر بالمر يده المكتنزة على القائمة نزولا ليبحث عن اسم التلميذ المتبقي. فكنت أسرع منه بكثير. لقد عرفت قدري. قال بالمر: «آه، أجل! تومبسون». جمع توماس تومبسون كتبه واتجه نحوي. ونظر مستر بالمر إلي آملا أن يشاهد أي نوع من ردود الفعل على وجهي. «محاولة جيدة بالمر» قلت لنفسي، وقد أظهرت له أكثر وجوهي مكرا، وجه بلا أي تعبير كالعادة. توماس تومبسون فتى في مثل سني، بجسم نحيل وشعر طويل رملي اللون وعينان خضراوان مائلتان للرمادي. قلت لنفسي «يا له من اسم مضحك» . الاسم الأول مطابق للاسم الأخير وكلاهما غريب كالولد نفسه. كان معروفا بأنه مثير للمشاكل. لا أجرؤ أن أقول بأن توماس تومبسون كان مجرما حقا، على الرغم من أن لديه مشاكل مع القانون. لم أكن أخاف من توماس كما كانت تشعر بقية الفتيات. لقد كان يسكن أسفل الشارع الذي أقطنه على ما أتذكر. وكنت أرى أحيانا الأضواء الحمراء والزرقاء تومض من خلال نافذتي عندما تحضر الشرطة توماس إلى المنزل من مغامراته المؤذية. «إذا، اليوم بعد المدرسة؟» سألني توماس مبتسما. كان يمكن أن يبدو لطيفا لو حصل على قصة شعر لائقة وبعض اللحم يكسو به عظامه. وافقت على لقائه في منزلي لنعمل على بعض مشاريعنا عندما رن الجرس. ذهبت إلى البيت، وارتديت ملابس أكثر راحة وخلعت قلادتي ووضعتها على الرف الأيمن بجانب سريري. سمعت طرقا على الباب فأسرعت إلى الردهة، فتحت الباب فرأيت توماس واقفا هناك، مرتديا نفس الملابس التي كان يرتديها في المدرسة، كنزة سوداء وبنطال مترهل. ألقيت عليه التحية ومشينا معا إلى غرفتي، حيث كانت كتبي مفرودة سلفا في أرجائها. بدا لي غير مرتاح. جلس توماس، وبينما كان يزيح شعره الرملي عن وجهه، لاحظت عدة خدوش على ذراعه. سألته : «ما هذا؟"، «لقد جرحت نفسي عند السور» «سور؟». «أحب أن أمنح ذلك الشرطي جولة ركض بين الحين والآخر». نظرت إليه بحيرة، لقد كان غير مؤذ على الإطلاق، ما السبب وراء تسببه بكل تلك المشاكل في البلدة؟ «ربما تتساءلين لماذا أفعل ذلك» قال. هل قرأ تواس تومبسون أفكاري؟ «أنت لم تعيشي مع أشخاص مثل أبي وأمي. فحياتهما مملة تماما مثل حياة جميع الناس في البلدة. والوقت الوحيد الذي يكسران فيه روتينهما الممل هو حين يقومان بتأديبي». ثم أردف، «يحتاج كل شخص إلى بعض المتعة» «إذا فأنت تمثل كي تحظى بالاهتمام؟» هل أجري أنا وتوماس حديثا من القلب إلى القلب حقا؟ «أظن أن الأمر أبعد من ذلك بالنسبة لي» نظر باتجاه قلادتي «ماذا عنك أنت؟ ماذا عن هذا الغموض أيتها الآنسة الجدية؟" «الآنسة الجدية؟ ماذا يفترض أن يعني ذلك؟» إنها مجرد شيء أعطته لي أمي «أخبرته. الآنسة الجدية، لقب جيد، ليس أني لم أسمعه من قبل. لكنه لم يجد مشكلة في أن يشرح لي لماذا يتسبب بالمشاكل. اغرورقت عيناي بالدموع. «هل أنت بخير؟» سأل توماس. ما الذي أفعله ببكائي أمامه بمطلق الأحوال؟ قلت لنفسي. ما حدث تاليا كان شيئا جديدا بالنسبة لي، فقد بدأت أتحدث عن... نفسي. لقد أخبرته كل شيء عن أمي، كيف أنها لم تخبرني شيئا أبدا ولا تخبرني الآن، كيف أني لم أرها تبكي ولا مرة واحدة. لم يقل ولا كلمة بينما كنت أتكلم جملا من هنا وهناك. «هل انتهيت؟» سألني عندما سكت. أومأت له بالموافقة، وقد شعرت ببعض الارتياح، ثم بدأنا العمل على مشروعنا. لقد شعرت ببعض الحرج لأني كشفت نفسي أمامه. كنت سعيدة لأنه لم يحاول أن يقدم لي أي نصيحة، أو يحاول معالجتي، فأنا لم أكن بحاجة للعلاج، كنت بحاجة لشخص يستمع إلي فقط. «أه، لقد نفذت الأوراق. سأعود حالا» أسرعت إلى غرفة الطابعة وأمسكت رزمة من الأوراق. وعندما عدت كان يجمع أغراضه. «آسف دونا، ينبغي أن أذهب إلى المنزل من أجل الغداء». «آه، حسنا»، وكان قد مشى باتجاه الباب. فتجهم وجهي، خصوصا لأجل العمل في المشروع. اندفع مسرعا، ولوحت له حين عبر الشارع أمام بيته. دسست نفسيا في السرير وفكرت بما حصل. «هل أخبرت توماس حقا كل شيء عن موضوع أمي؟» وغفوت قليلا بينما كنت أفكر بالأمر. عندما استيقظت من غفوتي، نظرت إلى الرف الأيمن لأجد أن قلادتي قد اختفت. انتفضت كالمجنونة، «اللعنة!» هل سرقني توماس حقا؟ شعرت بالذنب لمجرد التفكير بذلك. كنت غاضبة جدا وشعرت بالغباء لأنني وثقت به. «لقد أخبرني توا عن قصة هروبه من الشرطة! فكيف أمكن لي أن أثق به؟» عنفت نفسي. وسحبت سترتي ومشيت باتجاه الباب. كنت ذاهبة لمواجهة توماس، ولكن بمجرد أن فتحت الباب بعنف، رأيت ذلك الشيء. كان هناك ظرف صغير عند مقدمة شرفتنا. نظرت داخل ذلك الظرف الأبيض حليبي اللون وشاهدت قلادتي ومعها ملاحظة تقول: «شكرا لأنك كنت صريحة معي». أعتقد بأننا نملك الخيار في أن نبحث عن الخير في الآخرين أو أن نسلم بأنهم سيئون. لم يكن توماس تومبسون ولدا سيئا، كان لا يزال يبحث عن طريقه في الحياه. لقد وجد الخير في، وساعدني على مواجهة مشاكلي، حتى أنه أصلح لي قلادتي. أنهينا، أنا وتوماس، المشروع، وتفوقنا فيه. نحن نسير إلى المدرسة معا معظم الأيام، حتى أنه حدثني أكثر عن والديه. لقد توقف عن التمثيل، وحصل على قصة شعر لائقة. أنا وأمي أفضل حالا الآن، فنحن نثرثر بعد المدرسة كالمراهقات وتخبرني قصصا عنها حين كانت في الثانوية، صحيح أننا لسنا صديقتين مقربتين، فأنا أظن أن توماس تومبسون الولد الغريب صاحب الاسم الذي يتطابق جزآه هو صديقي المقرب، لكنها خطوة للأمام، أنا أحب علاقتنا الجديدة، حتى أنني أحتفظ بصورتها في قلادتي الذهبية الصغيرة.