عندما يقول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، تعليقا على إعلان هدنة الأيام الخمسة في اليمن: «نأمل أن يوافق الحوثيون على الهدنة الإنسانية وأن يلتزموا بها، وسنتواصل مع الدول المؤثرة على الحوثيين لأجل ذلك، وهناك مؤشرات بأنهم سيلتزمون بالهدنة المطروحة»، عندما يقول ذلك فإن المعادلة تصبح معكوسة والحقيقة مقلوبة للوضع بمجمله في الأزمة السياسية اليمنية التي حولها الحوثيون وعلي صالح إلى أزمة إنسانية بكل أيعادها الخطيرة. وهكذا هو مبدأ العصابات والميليشيات والمرتزقة في الحروب، إذ لا تهمهم سوى مصالحهم التي تتحقق عبر الصفقات الملوثة، ولا يهم أن تذهب الأوطان وأهلها إلى الجحيم. بخروج القرار 2216 تحت الفصل السابع من مجلس الأمن، اعتقدنا أن الأزمة في طريقها للحل السريع؛ لأن الحوثيين وحلفاءهم في الخارج والداخل أصبحوا يواجهون المجتمع الدولي بأسره إذا لم تتحقق شروط القرار وينفذ حسب التدابير والشروط المتعلقة به، ولكن يبدو الوضع الآن معكوسا؛ لأن كلام جون كيري يوحي وكأن هناك ما يشبه الرجاء والتوسل والعشم في الحوثيين أن يقبلوا مجرد الالتزام بالهدنة وليس الامتثال للإرادة الدولية. والأسوأ أن السيد كيري يلمح إلى الدول المؤثرة على الحوثيين للضغط من أجل قبول الهدنة، وهنا لا يحتاج الأمر إلى تلميح لأنه لا توجد سوى دولة واحدة تمسك بخيوط الدمية الحوثية، وإذا كانت هذه الدولة تحتاج إلى مناقشات دبلوماسية من أجل تطبيق هدنة إنسانية فكيف يمكن الوثوق بها فيما هو أهم وأخطر مستقبلا. العالم يعرف أن الحرب لم تكن أبدا على اليمن، وإنما على عصابة استقوت بغيرها واستخدمت لتهديد أمن المملكة تهديدا مباشرا عبر ترسانة من الأسلحة الخطيرة، وكانت الضربات الجوية منذ بدايتها موجهة بدقة إلى مواقع محددة، لكن الحوثيين وصالح حولوها من قبلهم فقط إلى ما يشبه الحرب الأهلية بعد نشوء المقاومة الشعبية وأمعنوا قتلا في المدنيين لكي تكون التهمة موجهة إلى قوة التحالف. هذا الحديث يمكن أن يصدقه طابور المأجورين، لكن مجلس الأمن والمراقبين الدوليين يعرفون الحقيقة بكل حذافيرها. والآن، يمكننا القول للسيد كيري إن مثل هذا التصريح لا يشجع ولا يبعث على التفاؤل. نحن نريد الحل الجذري وليس المسكنات المؤقتة التي يبدو أنها هي تحتاج إلى وساطات لقبول الحوثيين بها.