يتوقع أن يكون الخليجيون قد وضعوا اللمسات الأخيرة، في القمة التشاورية التي استضافتها الرياض أمس، على الرؤية المشتركة، التي ستطرح في اللقاء المرتقب بين زعماء الخليج والرئيس الأمريكي باراك أوباما يومي 13 - 14 من مايو الجاري. وهي مناسبة تحظى باهتمام العالم ووسائل الإعلام لأنها تجري في ظروف محاطة بالكثير من القضايا الملحة مع التحرك الحيوي الملحوظ الذي تقوده المملكة، لمواجهة الأخطار والتهديدات الناتجة عن تمدد الإرهاب ومكوناته وآثار الأطماع الإيرانية وتدخلها في الشأن العربي. ولم يعد خافيا أن مبادرة المملكة وأشقائها الخليجيين لإطلاق عاصفة الحزم للدفاع عن الشرعية وتحرير إرادة الشعب اليمني وإنقاذه من الوقوع في قبضة الانقلابيين، أصبحت تعبر عن سياسة خليجية عربية رافضة للأطماع الإيرانية وقادرة على مواجهتها بالقوة إذا لزم الأمر، بعد أن تحملت الكثير من الاستفزاز والتحرش واستعراض القوة، رغم سعيها، مع الأصدقاء، لإقناع طهران بضرورة تحكيم العقل ومراعاة مصالح شعبها والالتزام بحسن الجوار والتوقف عن إشعال الفتن والحرائق في المجتمعات العربية، لكن - للأسف - لم تفهم إيران هذا المسعى ولم تقدر أهدافه التي تحقق مصالح الجميع.. وقد زاد من اندفاعها ما ظنت أنه انتصارات حققتها في مباحثاتها مع الدول الكبرى حول الملف النووي، واعتقادها أن واشنطن أجرت تعديلات جوهرية على سياستها تجاهها مما أوحى لها بأن تغيرات استراتيجية تجري في المنطقة وأنها تستطيع أن تكسب مواقع جديدة نتيجة لهذه المتغيرات. وأيا كان تصور إيران أو حساباتها فإن الحراك السياسي والعسكري الذي تقوده المملكة بجمع كلمة الخليجيين المدعومة بالموقف العربي والإسلامي، يؤكد أن سياسة مواجهة الأخطار الخارجية تجاوزت مرحلة التخطيط إلى مستوى التطبيق العملي، وأن المجموعة الخليجيجة حزمت أمرها للدفاع عن أوطانها وحقوقها وحماية أمنها واستقرار شعوبها وأنها لن تتهاون في هذا السبيل وقد أعدت له كل الأسباب والوسائل مع إيمانها المطلق بأهمية معالجة الخلافات بالطرق السلمية، وهي ما تزال تمد يدالتعاون لمن يريد العمل المشترك من أجل إيقاف النزيف.. ولتحقيق هذه الأهداف يتوقع أن يطرح الخليجيون على الإدارة الأمريكية رؤيتهم للأحداث وتصورهم لعلاجها واقتراحاتهم للمستقبل الذي يقدر العلاقات التاريخية بين واشنطن والعواصم الخليجية والمصالح المشتركة التي تتطلب موقفا واضحا من الصراع الدائر في المنطقة على أكثر من جبهة.. وسيكون على طاولة المباحثات العديد من الملفات التي تمس الأمن الإقليمي والدولي. والأمن الخليجي، في ظل الأطماع الإيرانية، سيكون على رأس الأولويات خاصة وأن إيران ما تزال تصر على المضي في اعتماد القوة لحل المشكلات.. ويرتبط بهذا الملف القضية اليمنية، بأبعادها العسكرية والسياسية والإنسانية والنفوذ الإيراني المتنامي، وملف الأزمة السورية وضرورة تغيير موقف واشنطن منها إلى جانب الوضع المعقد في العراق، بكل ما فيه من طائفية وإرهاب. ملفات مشتبكة لكن الرؤية الواضحة والموقف الموحد قوة قادرة على تجاوز العقبات.