10.1 تريليونات قيمة سوق الأوراق المالية    1% انخفاضا بأسعار الفائدة خلال 2024    تستضيفه السعودية وينطلق اليوم.. وزراء الأمن السيبراني العرب يناقشون الإستراتيجية والتمارين المشتركة    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    البرهان يستقبل نائب وزير الخارجية    كاساس: دفاع اليمن صعب المباراة    قدام.. كلنا معاك يا «الأخضر»    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    إحالة ممارسين صحيين للجهات المختصة    جواز السفر السعودي.. تطورات ومراحل تاريخية    حوار «بين ثقافتين» يستعرض إبداعات سعودية عراقية    5 منعطفات مؤثرة في مسيرة «الطفل المعجزة» ذي ال 64 عاماً    التحذير من منتحلي المؤسسات الخيرية    لمن القرن ال21.. أمريكا أم الصين؟    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    استشهاد العشرات في غزة.. قوات الاحتلال تستهدف المستشفيات والمنازل    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    مترو الرياض    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    مشاهدة المباريات ضمن فعاليات شتاء طنطورة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    الأمير فيصل بن سلمان يوجه بإطلاق اسم «عبد الله النعيم» على القاعة الثقافية بمكتبة الملك فهد    جمعية المودة تُطلق استراتيجية 2030 وخطة تنفيذية تُبرز تجربة الأسرة السعودية    نائب أمير الشرقية يفتتح المبنى الجديد لبلدية القطيف ويقيم مأدبة غداء لأهالي المحافظة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    المملكة واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    المملكة ترحب بتبني الأمم المتحدة قراراً بشأن فلسطين    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخليج بين الدرع الأميركية والتحدي الإيراني
نشر في الحياة يوم 06 - 12 - 2010

إيران الجامع المشترك لثلاث فعاليات إقليمية ودولية هذا الأسبوع: قمة دول مجلس التعاون الخليجي التي تنعقد اليوم في أبو ظبي. والمحادثات التي تستأنف اليوم وغداً في جنيف بين الجمهورية الاسلامية والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن والمانيا. «منتدى حوار المنامة» المنعقد في العاصمة البحرينية والمواقف التي أعلنها كل من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ونظيرها الإيراني منوشهر متقي. وقبل ذلك وبعده إيران الجامع المشترك والطاغي في معظم المراسلات الديبلوماسية السرية التي كشفها موقع «ويكيليكس».
يكفي هذا الموقع الذي باتت تحتله إيران في مواجهة الاستراتيجية الأميركية في المنطقة، لتتحول التحدي الأكبر لجيرانها، دول مجلس التعاون الخليجي. فهذه الدول هي جغرافياً الخط الأول لهذه الحرب الباردة وستكون مسرح العمليات الأول إذا رجحت كفة الخيار العسكري.
ليس هذا التحدي الضاغط مصدر تهديد وحيد لدول المجلس. فالتحديات القديمة الجديدة، الداخلية والمحيطة، لا تزال ماثلة. وتشكل صلب محادثات القمة الخليجية في أبو ظبي اليوم. وهي لا تحتاج إلى مزيد من الشرح والدراسات. وعلى رأسها تطوير آليات وإجراءات لتنويع مصادر الدخل لتمويل موازناتها، فلا تظل تعتمد على عائدات النفط والغاز فقط. وبين الأخطار هذا الخلل في التركيبة السكانية التي ترجح الكفة فيها للعمالة الأجنبية بنسب متفاوتة في كل من هذه الدول.
وبين الأخطار أيضاً ما تشكله «جيوش القراصنة» في القرن الأفريقي من تهديد لحرية الملاحة في الممرات النفطية خصوصاً، من بحر العرب إلى باب المندب. فضلاً عن الاضطرابات في الصومال وما قد يخلفه الاستفتاء في جنوب السودان من قلاقل... فيكتمل قوس الأزمات حول الدول الست، إذا أضفنا إليها هذه الحرب المفتوحة بين سلطات اليمن و«القاعدة» وغيرها من الحركات التي تعمل على تقويض استقرار هذا البلد وتحويله منطلقاً للعبث بأمن جيرانه.
كما أن انسداد الأفق في مسيرة التسوية في الشرق الأوسط يعزز الصراع الذي باتت إيران عنصراً أساسياً فيه، لظئلا نقول طاغياً على الدور العربي. وهو ما يخلف آثاراً وتهديدات لدول مجلس التعاون.
لكن إيران بملفها النووي وما يتفرع عنه من مواجهة مع المجتمع الدولي، وبتمدد نفوذها في أكثر من موقع عربي، تشكل التحدي الكبير لجيرانها الخليجيين والعائق أمام قيام نظام اقليمي تسعى إليه واشنطن أساساً، بالتعاون مع دول الشرق الأوسط «الكبير»، من أفغانستان إلى شمال أفريقيا.
ولا ضرورة هنا للتذكير بالمواقف التي تتخذها الجمهورية الاسلامية حيال جيرانها وتثير مخاوفهم. يكفي تهديدها بأن دول الخليج لن تكون بمنأى عن أي مواجهة عسكرية بينها وبين الولايات المتحدة أو إسرائيل. وتكفي هذه المناورات الإيرانية التي لا تتوقف في مياه الخليج والتي يقابلها تعزيز القواعد الأميركية وشبكة الصواريخ التي عمت المنطقة أخيراً براً وبحراً. ويكفي اندفاعها نحو الامساك بالساحة العراقية التي تركت أبواب الخليج الشرقية - الشمالية مشرعة أمام رياح أين منها رياح السموم!
إن مسؤولية الدول الكبرى، خصوصاً الولايات المتحدة، في المنطقة وما يدور فيها واضحة لا نقاش فيها. لكن إيران أيضاً تتحمل مسؤولية موازية. ولعل أول المطلوب لتفادي الانجرار إلى حرب رابعة فيها، هو أن تبدل الجمهورية الاسلامية في نبرة خطابها.كان جيرانها يشكون أيام ولاية الرئيس محمد خاتمي من «ازدواجية» المواقف. وهم يعانون اليوم من نبرة التعالي والفوقية... والاملاء كتلك التي توجه بها الرئيس محمود أحمدي نجاد في قمة مجلس التعاون في الدوحة قبل سنتين.
وعلى طهران أن تعترف أولاً بأن ثمة مصالح متبادلة للمجتمع الدولي - والدول الصناعية أساساً - وأهل الإقليم في قضايا النفط والغاز. وأي حوار يتجاهل هذه الحقيقة لن يكتب له النجاح ولن يخرج المنطقة من أسر العسكرة الدولية وسباق التسلح. ولن يبعد الأطماع ويزيل القواعد العسكرية والدروع الصاروخية.
إن الاتفاق بين دول المنطقة على حماية مصادر الطاقة وممراتها، وبقاء هذا الشريان الحيوي في متناول الدول الصناعية بشروط مقبولة للطرفين، وحده الكفيل بإبعاد شبح الحرب. ووحده الكفيل بترسيخ نظام إقليمي يعرف فيه كل طرف حدود واجباته ومسؤولياته. والواقع أن ما يزيد تعقيد أي حوار محتمل بين إيران وخصومها هو أنه لن يقتصر على الملف النووي، بل سيتناول الدور الذي ستؤديه طهران والسياسة التي ستمارسها بما ينسجم والقواعد الدولية، في ما خص العلاقات الندية مع الجيران، ووقف التدخل في شؤونهم الداخلية، ووقف مناهضة المساعي لإقرار تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين... في مقابل وقف التدخل في شؤون الجمهورية الاسلامية ورفع الحصار وكل القيود الاقتصادية المفروضة عليها والاعتراف بدورها وموقعها في أي نظام إقليمي.
وما يزيد في تعقيد أي حوار محتمل هو طموح إيران إلى أرجحية في أي نظام جديد. لكن دون ذلك عقبات وحقائق لا يمكن القفز فوقها. ذلك أن الجمهورية الاسلامية على تماس مع دول مجلس التعاون في أكثر من ملف وساحة، من لبنان وفلسطين إلى العراق وأفغانستان.
كما أن النظام الإقليمي في الخليج لا يشمل دول المنطقة فحسب، وإن بدت هذه الدول إثر مغامرة صدام في الكويت كأنها تحاول التفرد أو الانعزال عن الجامعة بمنظومة مستقلة. إنه جزء لا يتجزأ من النظام العربي الذي لا يمكن أن تغيب عنه مصر «الغائبة» ولكن المعنية بأمن الخليج، في تاريخها الحديث وتاريخها القديم، أيام الصراع بين الفراعنة والفرس على الشرق الأوسط.
وتشمل عناصر هذا النظام تركيا التي يدفع الخليجيون بها إلى أدوار توازي الدور الإيراني في المنطقة. ويشمل باكستان وافغانستان. والواقع أن إسلام آباد تصرفت في السابق وتتصرف علناً على أساس أن أمن دول الخليج العربية من أمن باكستان، وأن ليس مسموحاً لإيران بأن تمتلك سلاحاً نووياً لأن في ذلك تهديداً لأمن هذه الدول. وكانت باكستان ومعها أفغانستان، تؤديان قبل اعتداءات 11 (أيلول) سبتمبر 2001، دوراً حيوياً في إشغال الجمهورية الاسلامية بآسيا الوسطى، حديقتها الخلفية، بدل الاندفاع نحو الخليج. ولا يخفى الدور الذي يمكن أن يلعبه مجلس التعاون، خصوصاً السعودية على صعيد باكستان وأفغانستان أيضاً. وهما فضاءان حيويان للجمهورية الاسلامية.
صحيح أن التعامل بين إيران ودول المجلس يختلف بين دولة وأخرى. أي أن الدول الست لا تسير في خط سياسي واحد حيال الجار الشرقي. لكن هذا التباين لم يحل دون توافق الخليجيين على التعاون مع الولايات المتحدة ودول كبرى أخرى، على معاهدات واتفاقات دفاعية وعسكرية وإجراءات ميدانية وصفقات تسلح... من أجل ضمان تدفق النفط والغاز (20 في المئة من السوق العالمية يمر عبر مضيق هرمز).
ومثل هذه التدابير، معطوف عليها تعزيز قوة «درع الجزيرة»، والشبكة الصاروخية التي نشرتها أميركا في الخليج، ومعطوف عليها إقرار حلف «الناتو» نشر الدرع الصاروخية في دول الحلف لمواجهة أي أخطار وتهديدات رأى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن إيران تشكل أكبرها... تعزز ثقة دول المجلس وقدرتها على مواجهة النفوذ الإيراني. أو على الأقل تعزز موقعها وتصحح بعض الخلل في ميزان القوى مع جارها الشرقي بما يحد من جموحه نحو السيطرة والغلبة.
تعرف إيران، مثلما تعرف دول مجلس التعاون، أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تتخلى عن وجودها العسكري في الخليج أياً كانت الظروف. ولا يمكن أن تسمح لأي قوة مهما بالغت في التحدي أن تنافسها على موقعها في بحر النفط هذا وممراته.
تتذكر طهران وجيرانها أن البحرية الأميركية تولت في العام 1987 للمرة الأولى حماية ناقلات النفط الكويتية لعبور الخليج أثناء الحرب العراقية - الإيرانية. وقدمت شتى المساعدات إلى بغداد، وقلبت موازين القوى لمصلحتها، ودفعت الخميني إلى «تجرع السم» والقبول بوقف النار... ثم كانت حرب تحرير الكويت التي أظهرت فيها واشنطن عزمها على عدم التسامح حيال أي تهديد لمصالحها في الخليج.
وتعرف إيران ودول المجلس أن ما يهم أميركا أيضاً توفير أكبر حماية ممكنة لقواتها المنتشرة في المنطقة، ومواجهة أي احتمالات ومفاجآت، خصوصاً في ضوء قرار استكمال الانسحاب من العراق السنة المقبلة والمتاعب التي تواجهها في أفغانستان. كما أن محاربة شبكات الارهاب تحتل موقعاً متقدماً في الاستراتيجة الأميركية في المنطقة كلها، خصوصاً في أفغانستان وباكستان واليمن حيث التدخل العسكري الأميركي غير المعلن.
ما لم تعترف أميركا ودول المجلس بأنه يستحيل ترسيخ الاستقرار في الخليج من دون إيران، وما لم تعترف الجمهورية الاسلامية بحدود دورها وبمصالح الآخرين في المنطقة لا يمكن أن تجد حلاً سلمياً للملفات الكثيرة موضوع المواجهة مع الولايات المتحدة... إلا إذا تمكن أهل الخليج بضفتيه الشرقية والغربية من التوافق على صيغة إقليمية قادرة على الموازنة بين المصالح والأطماع والطموحات في هذه المنطقة الحيوية من العالم... عندها فقط تتبدد مخاوف أهل مجلس التعاون من المواجهة الدامية، أو من «الصفقة» على... حسابهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.