أصبحت فكرة تقييم ال100 يوم الأولى من عمل الزعماء والحكومات تقليداً سياسياً راسخاً تتلقفه الأوساط السياسية والرأي العام ووسائل الإعلام باهتمام ملحوظ، وإذا كان هذا التقليد قد ارتبط في بادئ الأمر بالتجربة الأنجلوسكسونية في أوروبا فإنه بات محط الأنظار السياسية والإعلامية في مختلف أرجاء المعمورة، بحكم ما يتيحه هذا التقييم المؤقت للأداء الحكومي في هذه الفترة المبكرة من الوقوف على الملامح العريضة أو المؤشرات الدالة لما سيكون عليه العمل الحكومي طيلة ولاية قادمة. ال100 يوم الأولى لأوباما بعد مرور 100 يوم على دخول الرئيس باراك أوباما البيت الأبيض استعرضت مجلة تايم في 23 إبريل 2009 بعض ما قيل عن هذه الفترة الزمنية التي تراها وإن كانت هامة غيرَ كافية لتقييم أداء رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبين تقلب المراقبين لأوباما وتشتت الرأي العام الأمريكي بين أحداث كِبار وصغار، رأت المجلة أن النقطة المؤكدة في هذا السياق تكمن في أن أوباما يرغب في المواجهة المباشرة والعميقة لكل الإرث الذي يراه خاطئًا، حظي خطاب أوباما التلخيصي لأيامه ال100 الأولى في البيت الأبيض بتغطية الإعلام المقروء والمسموع لأنه كان أكثر من مجرد تلخيص، بل إعلان عن مبادرة جديدة فالجمع بين الصراحة والرؤية والشرح المفصل لقضايا مركبة يلخص الهدف الذي من أجله ترشح أوباما للرئاسة تغييرا جذريا ليس فقط عما كان عليه سلفه دبليو بوش، أو حقبة ريجان التي استمرت 30 عامًا، لكن أيضًا تغيير المجتمع الذي يتَّسم بالحلول السريعة والنشاط الزائد. وتنتقل المجلة للحديث عن التحديات الكبرى التي تواجه أوباما وهي إذ رصدت تحدياتٍ أربعة على المستويين الداخلي والخارجي: اثنان على مستوى السياسة الخارجية، واثنان على المستوى الداخلي. والأخيران منهما أكثر أهمية، وهما متعلقان بالأزمة المالية، أحدهما ما إذا كان المجتمع المالي سيبتاع (قصرًا صخريًا وليس رمليًا). وفي هذا يقول أحد كبار مستشاري أوباما الاقتصاديين: «لا أعتقد أن طائفة المصرفيين يدركون حجم الدمار الذي أوقعوه بهذا المجتمع». فيما يقول آخر: «إنهم في حالة إنكار، فهم لا يدركون مدى الغضب الذي يعتري الناس».. إذا لم يكن المصرفيون ومديرو الشركات يدركون أهمية تعديل سلوكهم، فإن خطة أوباما المالية قد تنهار، أما الشق الآخر من التحدي الأول فهو: إدراك أن الكونجرس لن يعطي أوباما كل ما يريد. وهو ما يعكسه مساعدو الرئيس بقولهم: إن أكثر لحظاته إحباطًا هي تلك المتعلقة بالكونجرس، أما التحدي الأكبر على مستوى السياسة الخارجية فهو الصراع الطبيعي بين السياسة المتزنة والحاجة إلى أن يكون الرئيس الأمريكي قائدًا قويًا قادرًا على وضع الأجندة العالمية، وكما يقول زبجنيو برزينسكي مستشارالأمن القومي السابق للرئيس جيمي كارتر: فإن الشيء الوحيد الذي لم يقم به أوباما خلال أيامه ال100 الأولى، هو أن يوجه خطابًا كبيرًا للشرق الأوسط، يقول فيه: هذا هو الاستقرار، وإذا لم يفعل ذلك فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو سيقوم بذلك بدلا عنه، وهذا سيكون كارثيًا. أما إذا تحرك أوباما الآن، فستقف كل حكومات العالم بجانبه بدون الإسرائيليين ومؤيديهم من الأمريكيين في المجتمعات الإنجيلية اليهودية. معظم الألمان «غير راضين» عن ميركل وفي ألمانيا أظهر استطلاع للرأي نشر في الربع الأول من عام 2014 بعد مرور 100 يوم على بداية المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لولايتها الثانية أن معظم الألمان غير راضين عن ائتلاف اليمين - اليسار بزعامة المستشارة أنجيلا ميركل، رغم أن التأييد للأحزاب التي تشكل حكومتها لم يشهد تغييرا يذكر منذ الانتخابات التى سبقت التجديد لميركل في نهاية عام 2013م. وذكرت قناة (سكاي نيوز) الإخبارية أن 55 % من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع أوضحوا أنهم «ليسوا في غاية السعادة أو غير سعداء على الإطلاق، خلال ال100 يوم الأولى للائتلاف بين الحزب الديمقراطي المسيحي الذي تتزعمه ميركل والحزب الديمقراطي الاشتراكي». وكانت محطة التلفزيون الألمانية العامة «إيه أر دي» استطلعت آراء 1000 ناخب ألماني في مارس وساهم إصابة ميركل بكسر في الحوض في بداية العام وقل ظهورها في المناسبات العامة في قرار بعض المعلقين بأن الحكومة الجديدة لم تفعل شيئا يذكر خلال تلك الفترة. وفي فرنسا وبعد 100 يوم على وصوله إلى قصر الأليزيه باشر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاشتراكي الذي تسلم مهامه في الخامس عشر من مايو 2012م تنفيذ وعوده الانتخابية إلا أن هذا «الرئيس العادي» كما يحب أن يصف نفسه وجد صعوبة في إقناع الفرنسيين بأنه الرجل القادر على مواجهة أزمة منطقة اليورو والنزاع في سوريا. وكتبت صحيفة ليبراسيون اليسارية في 13 أغسطس 2012م «لا يزال الفرنسيون يجدون صعوبة في معرفة الاتجاه الذي يقودهم اليه فرنسوا هولاند». وخلال أقل من ثلاثة أشهر نجح هولاند فعلا في طي صفحة رئاسة سلفه نيكولا ساركوزي الذي كان اليسار يسميه «رئيس الأغنياء» خصوصاً عندما اتخذ قرارات تتعارض تماما مع الأخير مثل زيادة الضريبة على ثروات كبيرة تصل إلى 75% وإعادة سن التقاعد إلى الستين بالنسبة للذين بدأوا العمل وهم في سن ال18. وفي استطلاع أجرته صحيفة لوفيغارو اليمينية أعرب 54% من الذين شملهم الاستطلاع عن عدم رضاهم عن أداء هولاند في حين أكد 57% أنه ملتزم بوعوده الانتخابية. وبالنسبة إلى المستقبل كان هناك 40% فقط من الفرنسيين يثقون في هولاند وفي حكومته لإيجاد حل لأزمة منطقة اليورو. وتنخفض هذه النسبة أيضا لدى سؤال المستطلعين عن مدى اهتمامه بإعادة التوازن إلى المالية العامة وضبط البطالة والهجرة غير المشروعة ومواجهة الفلتان الأمني. وكان على هولاند إقناع الغالبية البرلمانية بالتصديق على معاهدة استقرار الموازنة الأوروبية كما وعد شركاءه الأوروبيين رغم معارضة الشيوعيين، وتحفظ بعض النواب الاشتراكيين، عن مشكلات في عدم جاهزية موازنة 2013م، كما أن الوضع الاقتصادي واصل تراجعه لتصل نسبة البطالة إلى نحو عشرة بالمائة. وبعد نحو ثلاثة أشهر على تركه قصر الأليزيه خرج ساركوزي عن صمته موجها الانتقادات لسياسة خلفه بشأن الملف السوري. ورد هولاند بالتشديد على ضرورة المثابرة على البحث عن حل سياسي للوضع في سوريا.