أكدت ثماني ساعات قضيناها على الشريط الحدودي المحاذي لليمن الشقيقة، مدى الإخلاص والولاء والانتماء الذي يكنه رجال القوات المسلحة، لدينهم ثم مليكهم ووطنهم وأهلهم. وطيلة تلك الساعات التي كنا فيها ضمن الوفد الإعلامي في الجولة التي نظمتها وزارة الدفاع ممثلة في الشؤون الإعلامية، برفقة عدد من وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، للوقوف على التجهيزات والاستعدادات للجيش السعودي ميدانياً، اطلعنا وبكل فخر على التجهيزات العسكرية التي نصبت على طول الحدود، واستمعنا إلى أحاديث الأبطال الصامدين على الجبهة. كان الجميع من وسائل الإعلام الأجنبية، يقر بصعوبة التضاريس وبسالة الرجال الذين يعتلون تلك الجبال، وإن كان مراسلو الصحف المحلية يعرفون قدرات وولاء الجنود السعوديين، وما حققوه من بطولات في كثير من المواقف التي تبرهن ولاءهم لوطنهم وإخلاصهم لقيادتهم، وحرصهم على مقدساتهم. بدأت جولتنا على متن حافلة يقودها الرقيب أول عبدالرحمن مرعي القحطاني من قوة نجران، والذي أدهش الجميع بطريقة تعامله مع المرتفعات الشاهقة والمنحنيات الخطيرة، خلال توجهنا إلى معسكر جبهة نجران رقم (1) في الجربة بمحافظة ظهران الجنوب التابعة لمنطقة عسير، تسابق المصورون لتوثيق شعار المملكة وعبارة (الله أكبر يعيش الملك يحيا الوطن).. نقشت بالحجارة البيضاء من قبل رجال القوات البرية على أحد جبال الجربة، واستقبلنا من قبل قائد جبهتي القوات المسلحة البرية بنجران اللواء سعد خربوش حجنه العتيبي، وعدد من ضباط وصف الضباط وأفراد القوات البرية الذين كانت معنوياتهم عالية. ورحب اللواء العتيبي بالوفد الإعلامي باسم منسوبي القوات البرية، وقدم التحيات والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف، ووزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهم الله، مؤكدا أن الوضع على الشريط الحدودي آمن ومطمئن للغاية، وتحت السيطرة من قبل القوات البرية. انطلقنا من المعسكر بالجربة إلى جبهة القتال خلف منفذ علب الحدودي، وجاءتنا التعليمات من قبل العقيد ركن عبدالحميد القحطاني قائد الجبهة رقم 1 صارمة، والتي تؤكد على ضرورة ارتداء الخوذة والسترة العسكرية، حفاظاً على السلامة. وأوضح لنا من جانبه أن ميليشيات الحوثي يتحركون على شكل مجموعات، إلا أن التعامل معهم يتم مباشرة، وقال إنه يقع خلف منفذ علب الحدودي السعودي مركز حرس الحدود السعودي، ويأتي بعده مباشرة المنفذ اليمني، موضحا بأننا بالقرب من قرية مندبة اليمنية، التي تأتي أكثر المناوشات منها، مؤكدا بأنه لن يسمح لأي من هذه المجاميع بالوصول إلى الحدود، بدليل عدم تعرض المواقع السعودية لطلقة نار واحدة، معتبرا ذلك بفضل من الله، ثم بتكاتف القوات البرية مع حرس الحدود والعمل بروح الفريق الواحد. وقفنا على تبة الجيش التي تطل على قرية مندبة اليمنية، الممتلئة بجميع أنواع الأسلحة وحضور كثيف من رجال الأمن وهم في حالة تأهب وسيطرة تامة على الوضع، وبمعنويات عالية، يدفعهم إلى ذلك حب الوطن، بقلوب تنبض ولاء. خلال تحركنا من تبة الجيش وقعت مناوشات بين الأبطال وعدد من الحوثيين وتم التعامل معهم مباشرة والسيطرة في حينه، وانتقلنا من تبة الجيش إلى موقع عين ضبية، حيث أكد قائد جبهة رقم (واحد) العقيد ركن عبدالحميد عامر القحطاني، بأنها تطل على بعض القرى الحدودية اليمنية، وموقعها استراتيجي تمكننا من التعامل مع أي نيران معادية من هذه المواقع التي تحدث فيها مناوشات ويقصدها متسللون ومجموعات متمردة على كافة الشريط الحدودي في حدود جبهة رقم (1)، مشيراً إلى أن معنويات رجال القوات المسلحة على كامل الشريط الحدودي عالية والحس الوطني مرتفع جداً من أجل فداء الدين ثم المليك والوطن، وقال: «نحن قوة ردع للمحافظة على أراضينا ومقدساتنا، ونحرص على تنفيذ توجيهات ولاة الأمر». وقال العقيد القحطاني، إن ميليشيات الحوثي تستخدم أسلحة غير مباشرة ويركزون على أسلحة القناصة، مشيراً إلى أن هناك متسللين يتم القبض عليهم من قبل رجال حرس الحدود أو من قبل القوات البرية، ويتم التنسيق لاستلامهم. بعد أن شاهدنا التجهيزات ورجال الأمن سواء من القوات البرية أو من قيادات حرس الحدود في جبهة نجران رقم (1) توجهنا إلى جبهة رقم (2) الواقعة بين حدود منطقتي نجرانوعسير في منطقة تسمى الثويلة، حيث توجد أرتال من المدفعية الميدانية وعمليات متنقلة وأجهزة مختلفة، تحدد الأهداف. وقال قائد جبهة رقم (2) العقيد ركن غرمان مرعي العمري، «أنتم الآن في ميدان بطولة وجهاد ورجال القوات البرية يدافعون عن وطن ومقدساته، ونحن أصحاب حق ودولتنا دولة حق ودولة دفاع ليست دولة اعتداء ومسمى وزارتنا وزارة دفاع»، مشيراً إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- وجميع مسؤولي الدولة يؤكدون بأننا دولة دفاع ولن نعتدي على أي دولة ولن نسمح لأي دولة في المقابل أن تعتدي على شبر من وطنا الغالي، وخلال حديثة أطلقت إحدى المدفعيات قذيفة، وقال تشاهدون الآن كيفية تعاملنا مع الهدف في حينه، حيث يصل مداها 40 كيلومترا، موضحا أن هذه مواقع حوثية تم تحديدها، مؤكداً بأن الجميع يعمل وفق ما خط له والوضع آمن وتحت السيطرة، وختم «هذه عاصفة الحزم، ونحن جند حزم، ولن نسمح بالتعدي على حدود الوطن بكل حزم».