قلبت الأمر على وجوهه المختلفة ولم أستطع أن أتبين معنى للحجة التي استند إليها مجلس الشورى في إسقاطه للتوصية التي تقدمت بها عضو المجلس الدكتورة لبنى الأنصاري والتي تنص على زيادة فرص ومجالات العمل للمرأة السعودية في الوظائف الدبلوماسية والوظائف الإدارية والفنية والمالية في وزارة الخارجية. المجلس أسقط التوصية وحجته في ذلك «عدم إثارة البلبلة» رغم إدراك المجلس أن وزارة الخارجية لا تمانع في ذلك وأن المرأة باتت تتبوأ مناصب قيادية في وزارة الخارجية، كما جاء نص في البيان الذي تحدث عن تلك التوصية. وإذا كانت غاية التوصية التي تقدمت بها الدكتورة لبنى الأنصاري أن يتم تمكين المرأة السعودية من شغل وظيفة سفير بعد أن تحقق تمكينها من وظائف متقدمة سواء في وزارة الخارجية في الداخل أو في السفارات والقنصليات السعودية في الخارج فإن الحديث عن «البلبلة» لا يصبح له معنى لأنه حديث لا يتصل بغير ترقية الدرجة والمهمة الوظيفية والتي لا ينبغي أن تكون مرجعية التأهل لها غير كفاءة الموظف وإخلاصه في عمله وخبرته في المجال الدبلوماسي وهي مسألة لا يمكن للجنس أن يكون متحكما فيها. مجلس الشورى يتخوف من بلبلة مجتمع راشد دفع بعشرات الآلاف من بناته وهن صغيرات في السن للدراسة في مختلف الجامعات وفي عشرات الدول الخارجية، وذلك يعني أن التخوف الذي أبداه المجلس إنما يستند إلى واحد من أمرين: إما أن المجلس لا يعرف حقيقة ما بات عليه مجتمعنا من وعي وتجاوز لكثير من معوقات النهضة أو أن المجلس يسعى إلى مداجاة ومداراة فئة قليلة لا تزال تناهض كل مشروع للتنمية وترى في كل حق يمنح للمرأة خطرا داهما على المجتمع، فإن لم يكن الأمر كذلك فإن البلبلة التي تخوف منها المجلس إنما هي البلبلة التي يمكن لها أن تحدث بين أعضائه، وكان على المجلس أن يعترف بذلك بدل أن يلصق تهمة البلبلة بمجتمع مثلته الدكتورة لبنى الأنصارى التي أسقط المجلس توصيتها عامدا متعمدا.