قال شاعر عربي حكيم : يموت الفتى من عثرة من لسانه وليس يموت المرء من عثرة الرجلِ! وقد تذكرت هذا البيت بعد قراءتي خبرا صحفيا عن قيام شاب بقتل أحد أبناء عمومته لأسباب من ضمنها أن القتيل كتب قصيدة تتضمن أبياتا يسخر فيها من القاتل وأسرته فكان حادث القتل الذي لا يمكن لأحد تبريره وسيكون للقضاء موقف عادل منه كما هو المعتاد. وبعيدا عن ذلك الحادث القاتل، فإن ما قاله الشاعر العربي عن عظم تأثير الكلمة واللسان على المتلقين صحيح سواء كان ذلك التأثير إيجابيا يحصل من ورائه ارتياح وقضاء حاجة المتكلم أم كان سلبيا يكون من ورائه أن يدفع صاحبه الثمن المادي أو المعنوي بسبب عثرة من عثرات لسانه ولو أن رجلا عثرت به قدمه ووقع على الأرض فقد يصاب إصابة خفيفة أو متوسطة أو حتى ثقيلة ولكنها تظل إصابة، أما عثرة اللسان فقد تودِي بصاحبها إلى القبر تسلطا أو انتقاما ممن سلق باللسان الحاد فكان ردة فعله أكثر عنفا من المتوقع!. ويعتذر بعض الذين تنزلق ألسنتهم ضد الآخرين بعبارات أو كلمات مسيئة تحط من قدرهم، بأن اللسان ليس له حبل يربطه فيقولون «اللسان ما له حبل!»، وهو عذر أقبح من ذنب لأن للسان حبلا هو العقل فإذا ترك إنسان ما للسانه العنان بهذه الحجة فقد يسمع ما يسوؤه في أحسن الأحوال، وقد يتطور الأمر إلى جعله يدفع حياته ثمنا للسانه السليط!. وقبل عشرات السنوات هجا رجل رجلا آخر في مجلس من المجالس فقام المهجو ولطم الهاجي بنعاله على فمه فانصرف مذموما مخذولا فأنشد المهجو بيت شعر ظل من أتوا من بعده يتمثلون به : إن عادت العقرب عدنا لها وكانت النعل لها حاضرة واشتبك المتنبي مع النحوي ابن خالويه حول مسألة لغوية فعرض المتنبي بأعجمية ابن خالويه وكان يحمل في ثوبه مفتاح حديدٍ من الحجم «العائلي» فضرب به جبهة المتنبي فشجها ولم يتدخل سيف الدولة الذي شهد مجلسه المعركة على أساس أن البادي أظلم فحصل بين الشاعر والحاكم جفوة وعتاب طويل سجلته كتب الأدب.