عدت إلى منزلي خائر القوى منهك الجسد، كنت أظن أن العلة تكمن في معاناتي مع السكر ذلك الصديق «ثقيل الدم» من خلال تجاربي السابقة مع انهاك هذا الصديق جربت كيف اتصالح معه. اتفقت مع ابني «وشل» أن نذهب إلى مستوصف حينا، فدهمني اعياء وحالة من الخدر الشديد استسلمت له ونمت.. استيقظت بعدها لا اعرف لا وقت ولا مكان فاقد قدرتي على الكلام لوهلة فقدت أغلى ما أملك «الكلمات» وبالتدريج ضاعت الحروف من لساني. حاولت أن أستنجد بزوجتي وأبنائي، التقفت «جوالي» وبدأت بالكتابة طالبا النجدة. لكن كان ردهم: ماذا تحاول أن تقول؟ كنت مستغربا ما هو الذي يصعب فهمه في كلمة «النجدة» لم أكن أدرك أن ما أراه لا يتطابق مع ما يرون. كنت أظن أني أكتب النجدة ولكني كنت أكتب مجموعة حروف غير منتظمة، لدرجة أنها لم تكن كلمة واحدة مفيدة. عندها خطر لي أن زوجتي وأولادي في بلد آخر يبعد آلاف الكيلو مترات، شعرت بوحدة مرعبة. قررت أن أتصل بأول رقم أراه، كان رقم أختي «أسمهان» الاول، اتصلت بها مستنجدا مما أنا فيه ولكنها لم تفهم شيئا مما أقول، الكلمة الوحيدة التي أسعفني بها لساني «تعبان». تلتقفني أختي مريم : عبده ما الذي أصابك ؟ لم أستوعب هذه الكلمات أو استفساراتها. زودت ابني وشل بارقام اصدقائي: خالد باكلكا وهاشم الجحدلي وهاني الجهني ومحمد الشبيلي، اتصل بهؤلاء لو اصابني انهيار لم ادر ما جرى بعد ذلك. وكان الانهيار العظيم.. أغرق في لجة العتمة رويدة رويدة وأرى صورا متقطعة، مريم وأسمهان و وشل يلتقفون بدني، وشل يتحدث في الهاتف مع صديقي العميد خالد باكلكا، ومع كل لحظة أفقد كلمات. دخولي إلى الطوارئ، إضاءة سقف ساطعة كانت تزيد من حدة الألم في رأسي. فأصرخ: النور، أطفئوا النور. ** عندما أفقت وجدت الكثير من الاهل والاصدقاء يلتفون حولي وكثير من المحبين الذين لم اكن اعرفهم قبل ذلك يحيطونني بمحبة قلوبهم الوفية. أحمل امتنانا وشكرا لكل من واساني في رقدتي من مسؤولين وأصدقاء وأطباء.. وقبل هؤلاء أشكر الله شكرا عميما بما تفضل علي من لطف. وكنت طوال الوقت أتذكر مقولة العجوز نوار، احد ابطال الموت يمر من هنا: من ولد عاريا فليستتر بالناس.