عندما تشاهد شيئاً ما خطأ في الشارع، تأخذك الوطنية وتحاول أن تنقذ ما يمكن إنقاذه، قل لي من فضلك ما هو الرقم الذي يخطر على بالك في تلك اللحظة؟ إذا فشلت في تذكر أو معرفة الجهة المسئولة ربما تتصل بصديق تحكي له الحكاية وأنت تعلم أن لا ناقة له فيها ولا جمل ولكن نوع من « فش الخلق» أو تخفيف الضغط النفسي الذي تشعر به وأنت تشعر بالعجز إزاء ما رأيت. لكن لو حدث – لا قدر الله – وكان الموقف مأساوياً أو أنك المعني به مباشرة فأنت ستطلب أول رقم يخطر ببالك تشعر أن من واجبه نجدتك واحتواء المأساة. ما هو شعورك؟ قل لي من فضلك كيف تتعامل مع المجيب إذا رد عليك بكل أدب لكنه أخبرك بمنتهى البرود أن هذا الأمر ليس من اختصاصه وعليك الاتصال بالجهة المعنية. يمكن أن تشكره وتقول في سرك: « عداه العيب» ثم تتصل بالجهة الأخرى بمنتهى الهدوء، ويمكن أيضا لحظتها أن تكون خربت مالطا، بمعنى أنه قد مات من مات وهرب من هرب وأنت تبحث عن الجهة المختصة وربما تصيب وربما تخيب أنت وحظك! الأسبوع الماضي كنت عائدة إلى المنزل بعد العاشرة مساء، كنت في أشد اللهفة للوصول الى المنزل بعد اجتياز كل تلك الاشارات والاختناقات ووصلنا إلى شارع الأمير سلطان، ولأن العبقرية التعجيزية المرورية لشارع الأمير سلطان وضعت شرط الدوران من الميدان الواقع أمام آيسلاند، كان علينا الوصول إلى تلك النقطة والدوران لنعود مرة أخرى لشارع الأمير سلطان، لكن السيارات لا تتحرك في أي اتجاه. نصف ساعة أو أكثر لم أسمع صوت إعتراض أو تذمر بصوت منبه سيارة يعلو مستصرخا ولا رأيت أحدا من الركاب يهبط مستفسرا وأنا أشعر بالتعب كما أني امرأة خلف السائق الذي لا يعرف ولا يفهم شيئا سوى الوقوف منتظرا. اتصلت برقم ( 999) اعتمادا على رقم النجدة المسجل في اللاوعي. شرحت الوضع للمجيب وشرحت له كيف أثبت المنتظرون حسن الصبر والصمت بالتزام الوقوف دون ضجيج وأنا أمرأة « ولية» لا يحق لي الخروج من السيارة لأخبره بسبب تلك الأزمة المرورية التي يستفسر عنها. ماذا تتوقعون رده لي؟ ببساطة قال: احنا الدوريات كلمي المرور! وعندما اعترضت قال سأرسل سيارة! انتظرت نصف ساعة أخرى ولم أر سيارة ولا رجل مرور واحداً، والسيارات ساكنة صامتة وأنا على أشد حالة من الارهاق والقلق والبيت على بعد أمتار وأنا عاجزة عن الوصول إليه. اتصلت مرة أخرى بنفس الرقم فلا أعرف رقما آخر رد آخر بكل الاحترام، واعدت عليه نفس الحكاية أعاد نفس الحجة أن هذا الأمر ليس من اختصاصه، لكنه وعدني بالمحاولة. لم تصل أي سيارة مرور تنظر ماذا يحدث! بعد فترة من الانتظار بدأت السيارات تتحرك بصعوبة وبدأت الحركات البهلوانية لبعض قائدي المركبات للتجاوز أو للدوران من نقطة ممنوعة وخرجت مع السائق بمعجزة . لماذا لا تُوحد أرقام الاتصال بهذه الجهات ( المرور، الدوريات، النجدة، الدفاع المدني، الهلال الأحمر) أو أن تكون هناك جهة ما توجه لحظة الاتصال إلى الجهة المعنية. في إحدى المرات كنت في طريقي إلى مناسبة وكنت أمر من طريق الملك عند الواحدة ليلا وفاجأني عدد الأطفال والنساء المتسولين والمتسولات في تلك النقطة والوقت متأخر والطريق مقصد للشباب يمرون به بسرعة ورعونة وخشيت على الجميع. لا أستطيع الاستسلام للمشاعر دون أن أتخذ خطوة ما، لذلك اتصلت برقم لا أذكر كيف اتصلت به، رد التسجيل الصوتي ، انتظرت حتى جاءني صوت الموظف اعتذرت له عن خطأي وشرحت له الوضع الخطر في تلك المنطقة، لكنه بكل حدة قال اتصلي بالدوريات يومها لم أكن أعلم كم رقم الدوريات طلبت منه الاتصال فهو يستطيع كمواطن ومسئول أن ينقل الصورة كما وضحتها إلى من يهمه الأمر لكنه أكد علي بأن هذا ليس من مسئولياتهم. وليس من مسؤولياتي لكنه الحس الوطني والانساني قبل كل شئ. لماذا لا توجد سيارات المرور عند الميادين والمخارج والمنعطفات الخطرة بشكل مستمر .. لماذا يذهبون و يتركون المرور في منتهى الفوضى نظرا للتوقف والانتظار وماهو دور الدوريات؟ وماهو دور المرور؟ وما الفرق بينهما؟!