قد لا نختلف على كون وزارة الشؤون الاجتماعية هي إحدى أكثر الوزارات التصاقا بمعيشة شريحة كبيرة من المواطنين الذين يستفيدون من خدماتها وبرامجها، أما عندما يتعلق الأمر بتقييم خدمات هذه الوزارة فإن الحديث يكثر عن وجود حاجة ماسة لإعادة النظر في رؤيتها، وأولوياتها، وأساليب عملها، ومبادراتها تجاه الكثير من المسؤوليات التي تضطلع بها؛ لاسيما أن الانطباع السائد عنها هو ضعف أدائها في العديد من المهام الموكلة إليها، وعدم مواكبتها للنمو السنوي الملحوظ على عدد المستفيدين من خدماتها. وبعد التشكيل الوزاري الأخير وصدور أمر خادم الحرمين الشريفين برفع مخصصات الضمان للأفراد والأسر المستحقين، وتعيين الدكتور ماجد القصبي وزيرا للشؤون الاجتماعية، تجددت الآمال بإجراء تغيير وتطوير شاملين على ما تقدمه الوزارة من خدمات، من أبرزها الضمان الاجتماعي، والإشراف على الجمعيات الخيرية والتعاونية، ومكافحة التسول، والحماية الاجتماعية، ورعاية الأيتام والمسنين والأحداث. وفي تقديري فإن الوزارة في عهدها الجديد مطالبة بداية بتطوير إستراتيجية واضحة المعالم للتعامل مع أبرز ملفاتنا الاجتماعية الملحة وفي مقدمتها وضع تعريف وطني لخط الفقر، والاتفاق على مقدار حد الكفاية تمهيدا لمعرفة العدد الصحيح للفقراء في المملكة وذلك قبل وضع خطة وطنية لمساعدتهم على تحسين ظروفهم المعيشية ببرامج فعالة تتجاوز الأسلوب التقليدي المتمثل في الدعم المالي المقدم عبر برنامج الضمان الاجتماعي. كما يتعين على الوزارة في عهدها التعامل مع أحد أبرز مكامن الخلل في مظلة الحماية الاجتماعية الوطنية وأقصد به الافتقار للعدد الكافي واللائق من المؤسسات التي تعنى برعاية المعاقين ودعمهم وتعليمهم، لاسيما الأطفال الذين يعانون من مرض التوحد ومتلازمة داون، الذين يتزايد عددهم عاما بعد عام مع غياب مراكز ملائمة وكافية للاهتمام بهم، أيضا فإن الوزارة مطالبة بانتهاج أساليب أكثر كفاءة في التعامل مع تزايد ظاهرة التسول، وتراخي جهود مكافحة المتسولين والقضاء على عصاباتهم المنظمة. إضافة إلى ذلك فإن المجتمع ينتظر من وزارة الشؤون الاجتماعية الالتفات لموضوع الارتقاء بأداء الجمعيات الخيرية، وتشديد الرقابة على مستوى الخدمات التي تقدمها، ومساعدتها على زيادة مواردها واستثماراتها بأساليب تجارية تتسم بالكفاءة من أجل تقليل اعتمادها على الدعم الحكومي أو على التبرعات المتذبذبة، كما نأمل من الوزير الجديد وأركان وزارته تكثيف الزيارات الميدانية المفاجئة إلى الدور والمؤسسات التي تقع تحت إشراف الوزارة؛ خصوصا دور الرعاية الاجتماعية التي يعاني الكثير منها من سوء الإدارة وضعف الإشراف وتواضع مستوى الخدمات. وثمة جانب مهم آخر نأمل من الوزارة في عهدها الجديد إيلاءه المزيد من الاهتمام وهو تفعيل نشاط أكثر من 170 جمعية تعاونية واستهلاكية؛ يتسم غالبيتها بالخمول ولا يشعر المجتمع بوجود فاعل أو ملموس لأنشطتها، في حين يتعين على الوزارة العمل الجاد على تحسين معيشة شريحة اجتماعية عريضة هي المتقاعدون، خصوصا القدماء منهم الذين لا تتجاوز المرتبات التقاعدية لغالبيتهم الحد الأدنى، ولا توفر لهم حياة كريمة، هذا بالإضافة إلى أهمية تركيز الوزارة على أنشطتها الرئيسية وعدم تشتيت جهودها ومواردها في فعاليات ليست من اختصاصها، مثل العناية بالمساجد، أو إنارة الشوارع، وردم المستنقعات، وتعبيد الطرق؛ وهو ما تقوم به بعض برامج الوزارة! وأختم مقالي بمقترحين للوزارة يدور أولهما حول ضرورة وضع وتنفيذ تصور لتحجيم عدد المستفيدين من خدمات الضمان الاجتماعي التي تستأثر بالنصيب الأكبر من ميزانية الوزارة المعتمدة على أموال الزكاة وذلك من خلال تكثيف برامج الأسر المنتجة التي تساعد الأفراد والأسر المستحقين على مساعدة أنفسهم بقدر الإمكان، وثاني المقترحين هو تنفيذ استطلاع واسع من خلال جهة متخصصة ومحايدة لمعرفة آراء (زبائن) الوزارة حول خدماتها، والوقوف على تطلعاتهم ومطالبهم منها. [email protected]